إمّا أنْ يكون عمّه ، كما يرتئيه جماعة من المؤرّخين ، وإطلاق الأب على العمّ شائع على المجاز ، وجاء به الكتاب المجيد : (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ) (١). فأطلق على إسماعيل لفظ الأب ، ولم يكن أبا يعقوب وإنَّما هو عمُّه ، كما اُطلق على إبراهيم لفظ الأب وهو جدّه.
وإمّا أنْ يكون آزر جدَّ إبراهيم لاُمّه كما يراه المنقّبون ، والجدُّ للاُمّ أبٌ في الحقيقة ، ويؤيّد أنّه غير أبيه قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ) (٢).
فميّزه باسمه ، ولو أراد أباه الذي نزل من ظهره لاستغنى بإضافة الاُبوّة عن التسمية بآزر.
وصرّح الرسول صلىاللهعليهوآله بطهارة آبائه عن رجس الجاهليّة وسفاح الكفر ، فقال : «لمّا أراد اللّه أنْ يخلقنا ، صوّرنا عمودَ نورٍ في صُلب آدم ، فكان ذلك النّور يلمع في جبينه ، ثمّ انتقل إلى وصيّه شيث. وفيما أوصاه به : ألاّ يضع هذا النّور إلاّ في أرحام المُطهّرات من النّساء ، ولم تزلْ هذه الوصيّةُ معمولاً بها يتناقلها كابرٌ عن كابر ، فولَدَنا الأخيارُ من الرجال والخيِّراتُ المُطهّرات المُهذّبات من النّساء حتّى
__________________
وقال الفرزدق كما في كامل ابن الأثير ٣ / ٤٦٩.
أَنا اِبنُ الجِبالِ الشُّمِّ في عَدَدِ الحَصى وَعِرقُ الثَّرى عِرقي فَمَنْ ذا يُحاسِبُهْ وفي أخبار الزمان / ٨٠ ، عدنان ابن عرق الثرى.
وأيضاً تجده في : اُسد الغابة لابن الأثير ١ / ٣٧٩ ، حياة الإمام الحسن للقرشي / ١٣٠.
(١) سورة البقرة / ١٣٣.
(٢) سورة الأنعام / ٧٤.