ولم يترك سيّد الشُّهداء عليهالسلام الدعوة إلى الدِّين ، وتفنيد عمل الظالمين حتّى في هذا الحال ، وهو مرفوع على القناة ، فكان مُتمّماً لنهضته المُقدّسة التي أراق فيها دمه الطاهر ، وقد استضاء خلق كثير من إشراقات رأسه الأزهر.
لهفي لرأسِكَ فوق مسلوبِ القَنَا |
|
يكسوهُ مِنْ أنوارِهِ جلْبابَا |
يتلُو الكتَابَ على السِّنانِ وإنّمَا |
|
رفعُوا به فوقَ السِّنانِ كتابَا |
ولا غرابة بعد أنْ كان سيّد الشُّهداء عليهالسلام دعامة من دعائم الدِّين ومنار هداه ، وعنه يأخذ تعاليمه ومنه يتلقَّى معارفه ، وهو صراطه المستقيم ومنهجه القويم ، دونه كانت مفاداته ، وفي سبيله سبقت
__________________
فجيء به ، وقد بقي عظاماً أبيضَ ، فجعله في سفط وطيَّبه وكفّنه ودفنه في مقابر المسلمين ، فلمّا دخلت (المُسوِّدة) سألوا عن موضع الرأس فنبشوه وأخذوه ، فاللّه أعلم ما صُنع به.
وذكر باقي الحكاية ، وهي قوية الإسناد.
يحيى بن بكير ، حدّثني الليث قال : أبى الحُسين عليهالسلام أنْ يستأسر حتّى قُتل بالطَّفِّ ، وانطلقوا ببنيه عليٍّ وفاطمة وسُكينة إلى يزيد ، فجعل سكينة خلف سريره لئلاّ ترى رأس أبيها ، وعليَّاً في غلٍّ ، فضرب على ثنيَّتي الحسين وتمثّل بذلك البيت ...
وفي مجمع الزوائد للهيثمي ٩ / ١٩٥ رواية الليث المُتقدّمة ، وقال عقبها : رواه الطبراني ورجاله ثقات.
والرواية في المُعجم الكبير للطبراني ٣ / ١٠٤ ، وكذلك في تاريخ الإسلام للذهبي ٧ / ٤٤٢ ، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ٧٠ / ١٥ ، والكامل في التاريخ لابن الأثير ٤ / ٨٦.
وفي الإصابة ٢ / ٧١ : كان آخر ذلك أنْ قُتل واُتي برأسه إلى عبيد اللّه ، فأرسله ومَن بقي من أهل بيته إلى يزيد ، ومنهم عليّ بن الحسين وكان مريضاً ، ومنهم عمَّته زينب ، فلمّا قدموا على يزيد أدخلهم على عياله.
وكذلك في تاريخ الطبري ٤ / ٣٥٢ ، وغيرها من المصادر الكثيرة التي نطقت بهذا الأمر ، فالتعلّل بعدم إرسالهم إليه تعلّلٌ باطلٌ لمْ يُستند إلى دليل بعدما أثبت المُحدّثون والمؤرّخون ذلك.