وثانيها الزهد في حطام الدنيا ، فإن أزهد الناس في الدنيا أرغبهم في الآخرة ، وثالثها التفقه في الدين لأن الناس يعرفون به مصالح دنياهم ومراشد دينهم ، ورابعها المشي بالسيف فمن وجدت فيه هذه الصفات الأربع وجب عليهم تفضيله (١).
وقالت الزيدية أن خلافة أبي بكر كانت وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة « وإشفاقاً من الفتنة » (٢).
ويؤكد الشهرستاني هذا المعنى بقول الزيدية : « كان علي أفضل الصحابة إلا أن الخلافة فوضت إلى أبي بكر لمصلحه رأوها وقاعدة دينية راعوها من تسكين ثائرة الفتنة ، وتطييب قلوب العامة ، فإن عهد الحروب التي جرت في أيام النبوة كان قريباً ، وسيف أمير المؤمنين علي عن دماء المشركين من قريش لم يجف بعد ، والضغائن في صدور القوم من طلب الثأر كما هي » (٣).
وترى الزيدية في تقديم أبي بكر على علي إنما كان امتحاناً له « والتغليظ في المحنة وشدة البلوى في الكلفة » كما قال الله تعالى للملائكة : ( اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى ) والملائك أفضل من آدم « فقد كلفهم الله أغلظ المحن وأشد البلوى » (٤).
وقد وقفت الزيدية من السلطة الحاكمة موقفاً يختلف عن الموقف الذي وقفته الشيعة الإمامية ، فالإمام عند الزيدية يجب أن يكون شجاعاً مقداماً شاهراً سيفه (٥). لذلك تبطل الزيدية إمامة « كل من ادعى الإمامة وهو قاعد في بيته مرخ عليه ستره ، لايجوز اتباعه ولايجوز القول بإمامته » (٦).
فاستعمال السيف في رأي الزيدية أمر واجب ، إذا ما أمكن به إزالة
__________________
(١) الجاحظ : ثلاثف رسائل ص ٢٤١.
(٢) ن. م ص ٢٤٦.
(٣) الشهرستاني : الملل والنحل ج ١ ص ٢٥٠.
(٤) الجاحظ : ثلاث رسائل ص ٢٤٦.
(٥) المقدسي : البدء والتاريخ ج ٥ ص ١٣٣ ، الحميري : الحور العين ص ١٥٦.
(٦) النوبختي : فرق الشيعة ص ٧٤ ـ ٧٥.