ثم إن الشدة التي اتبعها المنصور في معاملة أبناء الحسن دفعت محمداً إلى الثورة قبل وقتها المعين (١).
كما أن المنصور قد قطع الميرة عن خصمه من الشام ومصر (٢). ثم إن محمداً خطب في أصحابه وجعلهم في حل من بيعته بعد وصول جيش المنصور إليه ، وكان هذا مما ثبط عزيمة أصحابه وانسحابهم « فتسللوا حتى بقي في شرذمة ليست بالكثيرة » (٣).
ويذكر اليعقوبي مكيدة دبرتها أسماء ابنة عبد الله بن عبيد الله بن العباس كان لها الأثر في تفرق الناس عن محمد النفس الزكية فقد كانت أسماء معادية لمحمد فأرسلت مولى لها فرفع قصبة عليها خمار أسود نصبه فوق مأذنة المسجد ثم ذهب إلى عسكر محمد فصاح الهزيمة قد دخل المسودة فلما رأى الناس العلم الأسود انهزموا وبقي محمد يقاتل وحده حتى قتل (٤).
كما أن ابن الأثير يذكر أن محمد النفس الزكية دعا إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وكان شيخاً كبيراً إلى بيعته فامتنع عن البيعة وقال : « يا ابن أخي أنت والله مقتول فكيف أبايعك. فارتدع الناس عنه قليلاً » (٥).
وهكذا فشلت ثورة النفس الزكية وقد أرسل المنصور عيسى بن موسى إلى المدينة في « جيش عظيم » (٦) ، وقد قتل محمد النفس الزكية في اليوم الرابع عشر من رمضان سنة ١٤٥ هـ (٧).
وخرج بعد محمد أخوه إبراهيم بن عبد الله بالبصرة وقد بايعه أهلها
__________________
(١) الأصفهاني : مقاتل الطالبيين ص ٢٦٠.
(٢) الطبري : تاريخ الرسل والملوك ج ٩ ص ٢١٦ ـ ٢١٧.
(٣) ن. م ج ٩ ص ٢١٩.
(٤) اليعقوبي : التاريخ ج ٣ ص ١١١.
(٥) ابن الأثير : الكامل ج ٥ ص ٣.
(٦) اليعقوبي : التاريخ ج ٣ ص ١١١.
(٧) الأصفهاني : مقاتل الطالبيين ص ٢٧٥.