وقد سار الإمام محمد بن علي الباقر على طريقة أبيه زين العابدين فاتخذ الزهد منهجاً له ، وكان يسمى أبو جعفر الباقر لأنه بقر العلم ، فقد ذكر جابر الأنصاري ان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال له : إنك ستبقى حتى ترى رجلاً من ولدي أشبه الناس بي اسمه على اسمي إذا رأيته لم يخل عليك فاقرأه مني السلام فعاش جابر حتى أدركه (١).
ويقول ابن خلكان : « وكان الباقر عالماً سيداً كبيراً وإنما قيل له الباقر لأنه تبقر العلم وفيه قال الشاعر :
يـا باقـر العلـم لأهـل التقى |
|
وخير من لبى على الأجبل (٢) |
ويذكر ابن شهراشوب لم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين من العلوم ما ظهر منه من التفسير والكلام والفتيا والحلال والحرام والأحكام (٣).
كما يذكر محمد بن مسلم ، أنه سأله عن ثلاثين ألف حديث كما روى عنه معالم الدين من الصحابة والتابعين ورؤساء الفقهاء منهم جابر الأنصاري ، وجابر بن يزيد الجعفي ، وكيسان السختاني صاحب الصوفية ، ومن الفقهاء ابن المبارك والزهري والأوزاعي ، وأبو حنيفة ومالك والشافعي وزياد بن المنذر النهدي (٤).
كما تروي المصادر الإمامية أخباره وأخبار من روى عنه العلوم وهكذا كان تأثير الباقر على الناحية الفكرية أكثر منه على الناحية السياسية (٥).
وقد حفل عصر الباقر بحركات غلو مختلفة فحاول جهده أن يوقف تيار هذا الغلو وتبرأ منه ونصح شيعته بأن قال لهم : « يا شيعة آل محمد
__________________
(١) اليعقوبي : التاريخ ج ٣ ص ٦١.
(٢) ابن خلكان : وفيات العيان ج ٣ ص ٣١٤.
(٣) ابن شهراشوب : مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ١٩٥.
(٤) ن. م ج ٤ ص ١٩٥.
(٥) انظر البرقي : الرجال ص ٩ ـ ١٦ الطوسي : الرجال ص ١٠٢ ـ ١٤١ الحراني : تحف العقول ص ٢٠٦.