فأما محمد بن الحنفية فقد ظهرت حوله دعوات كما مر من دعوة المختار له.
وكان محمد بن عبد الله بن عباس لا يزال في بداية أمره.
أما أبو محمد علي بن الحسين فلم يحاول الاشتراك في الأحداث التي مرت بعد مقتل أبيه الحسين ، وإنما انصرف إلى الزهد وكان يلقب بزين العابدين لشدة ورعه.
وانصرف كذلك إلى مقاومة حركات الغلو التي ظهرت في عصره يدل على ذلك قوله « أيها الناس أحبونا حب الإسلام فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عاراً » (١).
وامتاز عصر الإمام علي بن الحسين بالشدة في معاملة الشيعة خاصة في زمن ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان معروفاً بشدة عدائه للشيعة (٢).
وفي أيام عبد الملك بن مروان مرت على الشيعة فترة هدوء بعدما اشتد الحجاج في معاملتهم فقد ذكر اليعقوبي ، أن عبد الملك أمر الحجاج وقال له : « جنبني دماء آل أبي طالب فإني رأيت آل حرب لما تهجموا لم ينصروا » (٣).
وحينما جاء عمر بن عبد العزيز اتبع مع الشيعة وآل الرسول سياسة مخالفة لمن سبقه ففي زمنه ترك لعن علي بن أبي طالب على المنابر.
وأعطى بني هاشم الخمس ورد فدك وفي ذلك يقول كثير :
وليت فلم تشتم علياً ولم تخف |
|
برياً ولم تتبع مقالة مجرم (٤) |
__________________
(١) الأصبهاني : حلية الأولياء ج ٣ ص ١٣٦ ، وانظر الصحيفة السجادية لعلي بن الحسين فإنها أصدق دليل على زهده وورعه.
(٢) يروى أن رجلاً يقال أنه جد الأصمعي وقف للحجاج فقال : أيها الأمير إن أهلي عفوني فسموني علياً وإني فقير بائس وأنا إلى صلة الأمير محتاج فتضاحك له الحجاج وولاه عملاً.
(٣) اليعقوبي : التاريخ ج ٢ ص ٤٧.
(٤) اليعقوبي ج ٣ ص ٤٨.