وجملة القول فى هذا ـ أن يوسف عليه السلام كان قوى الإرادة لا يمكّن غيره أن يحتال عليه ويصرفه عن رأيه ويجعله خاضعا له ، ومن ثم لم تستطع امرأة العزيز أن تحوّل إرادته إلى ما تريد بمراودتها ، ولا عجب فى ذلك فهو فى وراثته الفطرية والمكتسبة ومقام النبوة عن آبائه الأكرمين ، وما اختصه به ربه من تربيته والعناية به ؛ وما شهد له به من العرفان والإحسان والاصطفاء ، وما صرف عنه من دواعى السوء والفحشاء ـ فى مكان مكين وحرز حصين من أن تتطلع نفسه إلى اجتراح السيئات ، وارتكاب المنكرات ، فكل ما صوّروه به من الصور البشعة الدالة على الميل إلى الفجور إنما هو من فعل زنادقة اليهود ، ليلبسوا على المسلمين دينهم ، ويشوّهوا به تفسير كلام ربهم ولا يغّرّنك إسناد تلك الروايات إلى بعض الصحابة والتابعين فهى موضوعة عليهم ، ولا ينبغى أن يعتدّ بها ، لأن نصوص الدين تنبذها ، إلى أنه من علم الغيب فى قصة لم يعلم الله رسوله غير ما قصه عليه فى هذه السورة ، وكفى بهذا دلالة على وضعها.
تحقيق زوجها وحكم قريبها وظهور براءة يوسف
(قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ (٢٩))
المعنى الجملي
بعد أن ذكر فى الآيات السابقة مخادعتها ليوسف عن نفسه وتغليقها الأبواب وهربه منها إلى الباب وجذبها لقميصه ورؤية سيدها لذلك الحادث واتهامها ليوسف