(وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ) أي وإن لم تبعد عنى شراك كيدهن وتثبّتنى على ما أنا عليه من العصمة ، أمل إلى موافقتهن على أهوائهن وأقع فى شباك صيدهن وأرتع فى حمأة غوايتهن ، وقد لجأ يوسف إلى ألطاف ربه ، وسلك سبيل المرسلين من قبله ، فى فزعهم إلى مولاهم لينيلهم الخيرات ، ويبعد عنهم الشرور والموبقات ، وإظهارهم أن لا طاقة لهم إلا بمعونته سبحانه مبالغة فى استدعاء لطفه وعظيم كرمه ومنه.
(وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) أي من السفهاء الذين تستخفهم الأهواء والشهوات ، فيجنحون إلى ارتكاب الموبقات واجتراح السيئات ، فمن يعش بين هؤلاء النسوة الماكرات المترفات لا مهرب له من الجهل إلا أن تعصمه بما هو فوق الأسباب والسنن العادية.
وفى هذا إيماء إلى أنه ما صبا إليهن ، ولا أحب أن يعيش معهن ، بل سأل ربه أن يديم له ما عوده من كشف السوء عنه فى قوله «كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ».
(فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ) أي فأجاب له ربه دعاءه الذي تضمنه قوله : وإلا تصرف عنى كيدهن إلخ فصرف عنه كيدهن وعصمه من الجهل والسفه باتباع أهوائهن.
(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي إنه هو السميع لدعاء من تضرع إليه وأخلص الدعاء له ، العليم بصدق إيمانهم وبما يصلح أحوالهم.
وفى هذا إرشاد إلى أن ربه حرسه بعنايته فى جميع أطواره وشئونه ، ورباه أكمل تربية وما خلّاه ونفسه فى أهون أموره.
(ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) أي ثم ظهر للعزيز وامرأته ومن يهمه أمرهما كالشاهد الذي شهد عليها من أهلها ـ من الرأى ما لم يكن