طه «وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى» والتسبيح عام يشمل الصلاة وغيرها.
والآية الصريحة فى أوقات الصلوات الخمس قوله تعالى «فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ» فالمساء ما بين الظهر والمغرب وهو صلاة العصر ، وصلاة المغرب العشاء الأولى ، وصلاة العتمة العشاء الآخرة التي يزول عندها الشفق وهو آخر أثر لنور النهار.
وخصت الصلاة بالذكر لأنها أس العبادات المغذّية للإيمان والمعينة على سائر الأعمال.
ثم بين فائدة الأمر السابق وحكمته فقال :
(إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) أي إن الأعمال الحسنة تكفر السيئات وتذهب المؤاخذة عنها ، لما فيها من تزكية النفس وإصلاحها ، فتمحو منها تأثير الأعمال السيئة فى النفس وإفسادها لها ، والمراد بالحسنات ما يعم الأعمال الصالحة جميعا حتى ما كان منها تركا لسيئة كما قال تعالى «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً» وجاء فى الحديث الشريف «وأتبع السيئة الحسنة تمحها» والمراد بالسيئات الصغائر لأن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة بدليل ما رواه مسلم «الصلوات الخمس كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر».
(ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) أي إن فيما ذكر من الوصايا السابقة من الاستقامة والنهى عن الطغيان والركون إلى الذين ظلموا وإقامة الصلاة فى تلك الأوقات ، لعبرة للمتعظين الذين يراقبون الله ولا ينسونه ، وخصهم بالذكر لأنهم هم الذين ينتفعون بها.
(وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) أي ووطّن نفسك على احتمال المشقة فى سبيل ما أمرت به ، وما نهيت عنه فى هذه الوصايا وفى غيرها ، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا بل يوفيه ثواب عمله من غير بخس له.
وفى الآية إيماء إلى أن الصبر من باب الإحسان.