(يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٤٠))
المعنى الجملي
بعد أن أبطل يوسف عليه السلام ما هما عليه من الشرك فيما سلف ، وذكر أنه قد اتبع ملة آبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب ، وبين أن هذا فضل من الله ومنة عليهم وعلى الناس ، وكثير من الناس لا يشكرون الخالق لهذه النعم فيعبدوه وحده دون أن يشركوا به أحدا ـ دعاهما هنا إلى التوحيد الخالص وأيده بالبرهان الذي لا يجد العقل محيصا من التسليم به والإقرار بصحته فقال :
الإيضاح
(يا صاحِبَيِ السِّجْنِ) أي يا صاحبىّ فى السجن ، وناداهما بعنوان الصحبة فى هذه الدار التي هى دار الأشجان وموضع الهموم والأحزان ، وفيها تصفو المودة وتخلص النصيحة ليصغيا إلى مقاله ، ويقبلا على استماع ما يلقى إليهما به ، فالآذان حينئذ مرهفة ، والقلوب قد انصرفت عن الدنيا ولذاتها ، وتفرغت لعالم آخر غير ما يشغل الناس من زبرج هذه الحياة وزخرفها.
(أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) هذا استفهام لتقرير ما يذكر بعده وتوكيده ، والمراد بالتفرق فى الذوات والصفات المعنوية التي ينعتونهم بها ، والصفات الحسية التي يصورها لهم بها الكهنة والرؤساء من رسوم منقوشة ، وتماثيل منصوبة ، فى المعابد والهياكل ، والقهار : الغالب على أمره الذي لا يغلبه أحد.