(أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ ، أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) أي ويوم القيامة تعرض أعمال هؤلاء وأقوالهم على ربهم لمحاسبتهم ، ويقول الذين يقومون للشهادة عليهم من الملائكة والأنبياء وصالحى المؤمنين : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم بالافتراء عليه ، ويفضحونهم بهذه الشهادة المقرونة باللعنة الدالة على خروجهم من محيط الرحمة.
وقد جاء فى معنى الآية قوله تعالى : «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ» وفى حديث ابن عمر فى الصحيحين وغيرهما : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن الله يدنى المؤمن حتى يضع كنفه عليه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له : أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول : رب أعرف ، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى فى نفسه أنه قد هلك قال فإنى سترتها عليك فى الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، ثم يعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافق فيقول : الأشهاد (هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ ، أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)».
(الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) أي إن الظالمين هم الذين يمنعون الناس ويصرفونهم عن سبيل الله (وهى دينه القيم وصراطه المستقيم) ويصفونها بالعوج والالتواء لينّفروا الناس منها ، والحال أنهم كافرون بالآخرة لا يؤمنون ببعث ولا جزاء.
(أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) أي إن هؤلاء الذين يصدون عن سبيل الله لم يكونوا بالذين يعجزون ربهم بهربهم منه فى الأرض إذا أراد عقابهم ، بل هم فى قبضته وملكه ، لا يمتنعون منه إذا أرادهم ولا يفوتونه هربا إذا طلبهم ، ولم يكن لهم أنصار ينصرونهم من دونه ويحولون بينهم وبينه إذا هو عذّبهم ، ويضاعف لهم العذاب من أجل ضلالهم وإضلالهم.