بالطاعات وتركوا المنكرات ، وخشعت نفوسهم واطمأنت إلى ربهم ـ أولئك هم قطّان الجنة الذين لا يخرجون منها ولا يموتون ، بل هم ما كثون فيها أبدا.
(مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) أي مثل فريقى الكافرين والمؤمنين وصفتهما الحسية التي تطابق حالهما كمثل الأعمى الفاقد لحاسة البصر فى خلقته ، والأصم الفاقد لحاسة السمع الذي حرم وسائل العلم والمعرفة الإنسانية والحيوانية ، ومن هو كامل حاستى السمع والبصر ، فهو يستمد العلم من آيات الله فى خلقه بما يسمع من القرآن وبما يرى فى الأكوان ، وهما وسيلتا العلم والهدى لعقل الإنسان.
(هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ؟) أي هل يستوى الفريقان صفة وحالا ومآلا؟ كلا ، إنهما لا يستويان ، أتغفلون عن ذلك المثل الجلى الواضح أفلا تتذكرون ما بينهما من التباين والاختلاف فتعتبروا به؟
وإجمال المعنى ـ إنه شبه الكافرين بالعمى الذين لا يستعملون أبصارهم فيما يفضلون به الحيوان العجم من فهم آيات الله التي تزيدهم علما وهدى ، وبالصمّ الذين لا يسمعون داعى الله إلى الرشاد والهدى فيجيبونه ويهتدون به ، وشبه المؤمنين الذين انتفعوا بأسماعهم وأبصارهم واهتدوا إلى الجنة وتركوا ما كانوا خابطين فيه من كفر وضلال ، بحال من هو سميع بصير فيهتدى بسمعه إلى ما يبعده من مواضع الهلاك ، ويهتدى ببصره بواسطة النور حين السير فى الظلام.
قصة نوح عليه السلام
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ