والرواية الاولى أوردها الشيخ في «الخلاف» (١) ، والمحقّق في «المعتبر» (٢) ، والعلّامة في «المنتهى» (٣) على وجه الاعتماد.
ووجه قوّة الثانية سندا يظهر من كتب الرجال ، ومرّ سابقا ، والروايتان ظاهرتان في عدم اعتبار ورود الماء ، وعدم نفعه في عدم الانفعال بمجرّد الملاقاة.
على أنّا لو سلّمنا عدم عموم المفهوم ، وعدم عموم المنطوق الدالّ على الانفعال بمجرّد الملاقاة ، بحيث يشمل الغسل ، لا نسلّم انحصار الغسل الصحيح في صورة ورود الماء ، لما عرفت من الصحيح والموثّق وغيرهما ، وما ستعرف.
غاية الأمر ، عدم نجاسة الغسالة في صورة الورود لو تمّ ما ذكروه.
ونسب إلى السيّد أنّه احتج بأنّا لو حكمنا بنجاسة الماء القليل الوارد على النجاسة لأدّى إلى أنّ الثوب لا يطهر من النجاسة إلّا بإيراد كرّ من الماء عليه ، والتالي باطل بالمشقّة المنفيّة بالأصل ، فالمقدّم مثله ، بيان الشرطيّة : أنّ الملاقي للثوب ماء قليل ، فلو نجس لم يطهّر الثوب ، لأنّ النجس لا يطهر غيره (٤).
وفيه ، أنّ السيّد لم يظهر منه كونه قائلا بالفرق ، فضلا عن أن يستدلّ بما لا ينفعه أصلا ، لأنّ النجاسة الشرعيّة من الأحكام الشرعيّة التعبديّة ، لا طريق للعقل إليها أصلا.
ألا ترى حكم الشرع بنجاسة شيء في حالة دون اخرى ، ووجوب غسل قدر دون قدر ، وتطهيره بشيء دون شيء ، إلى غير ذلك.
مع أنّ ما حكم بنجاسته شرعا ليس أسوأ ممّا لم يحكم بها. عند العقل ، لو لم
__________________
(١) الخلاف : ١ / ١٧٩ ذيل المسألة ١٣٥.
(٢) المعتبر : ١ / ٩٠.
(٣) منتهى المطلب : ١ / ١٤٢.
(٤) نسب إليه في مختلف الشيعة : ١ / ٢٣٨ و ٢٣٩ ، لاحظ! الناصريّات : ٧٢ و ٧٣ المسألة ٣.