وعلى الثالث ، بمنع نجاسة الماء مع وروده على النجاسة ، سلّمنا ، لكن اللازم منه الاكتفاء بما يحصل به الإزالة ، وإن كان بمجرّد الجفاف.
وما قيل من أنّا نظنّ بانفصال أجزاء النجاسة مع الماء بالعصر بخلاف الجفاف المجرّد ، فدعوى مجرّدة عن الدليل.
على أنّه يمكن أن يقال بطهارة المتخلّف من الماء مع العصر وبدونه ، لعموم ما دلّ على الطهارة بالغسل المتحقّق بصب الماء مع استيلائه وانفصاله.
وقد اعترف الأصحاب بطهارة المتخلّف بعد العصر ، وإن أمكن إخراجه بعصر ثان أقوى.
وعلى الاولى ، بمنع دلالة المغايرة بين الغسل والصب على العصر ، خصوصا مع تصريحهم بأنّ المراد من الصب : الرشّ.
وعلى الثانية ، بأنّها تضمّنت الأمر بالعصر في بول الصبي ، والظاهر أنّه الرضيع ، للاكتفاء في طهارته بالصب الواحد ، فهي متروكة الظاهر.
ويمكن حمل الأمر بالعصر على الاستحباب ، أو ما إذا توقّف عليه إخراج النجاسة. إلى أن قال : فلو قيل بعدم اعتبار العصر إلّا إذا توقّف عليه إخراج النجاسة لكان قويّا ، ومال إليه شيخنا سلّمه الله تعالى (١) ، انتهى ملخّصا.
ويتوجّه عليه أنّ دليل الفقيه ربّما يكون أخصّ ، مع أنّ مراد المحقّق من النجاسة ليس خصوص نجس العين ، بل أعم منه ومن المتنجّس ، كما هو الظاهر من قوله : وتعصر الثياب من النجاسات كلّها (٢).
مع أنّ مراده ومراد غيره من لفظ «النجس» في أمثال المقام هو الأعم بلا
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٢ / ٣٢٦.
(٢) شرائع الإسلام : ١ / ٥٤.