الاعتراض وجه ، لأنّ إطلاق الأمر بالغسل يقتضي الطهارة من دون انفصال شيء من الغسالة بعد زوال العين ، ومقتضى عموم المفهوم انفعال الغسالة بأجمعها ، وهذان لا يجتمعان بالبديهة ، وخروج شيء من الغسالة من دون عصر لا دليل على كونه مطهّرا أصلا ، والقياس بالعصر الذي هو إجماعيّ فاسد بالبديهة.
والحاصل أنّ الغسل لغة وعرفا لا فرق فيه بين أن يكون غسل الكثافات الطاهرة شرعا أو النجاسات ، بل اللغة والعرف لا يكون فيهما نجاسة شرعيّة أصلا ، لأنّ النجاسة وظيفة شرعيّة لا طريق للعرف واللغة فيها أصلا.
ومعلوم أنّ غسل الكثافة الطاهرة لا يتوقّف على انفصال شيء من الغسالة بعد زوال عين تلك الكثافة ، وكذا لو قلنا بعدم انفصال الغسالة مطلقا.
وأمّا إذا قلنا بأنّ الغسالة بأجمعها تنجس بمجرّد ملاقاة الماء عين النجس ، فمعلوم تحقّق نجسين متعدّدين شرعا يحتاج كلّ منهما إلى التطهير الشرعي ، فإزالة عين النجاسة فقط ، كيف يكفي لتطهير كليهما؟ وكذلك خروج شيء من الغسالة من غير عصر.
نعم ، بعد العصر يتحقّق طهارة كليهما إجماعا.
ومن الشرائط الشرعيّة للغسل اللغوي تحقّق الغسل مرّتين في البول ، أو مطلق النجاسة.
وقس عليه سائر الشرائط الشرعيّة ، مثل كونه بالماء ، وكون الماء طاهرا ، أو غير ذلك ، فتأمّل جدّا!
وبالجملة ، ما دلّ على الطهارة بالغسل المتحقّق بالصب مع الاستيلاء إنّما ينفع ما ذكره لو لم نقل بانفعال الغسالة (١) بمجرّد الملاقاة ، إذ بعد تسليم هذا الانفعال
__________________
(١) في (ز ٣) : القليل له.