كيف يمكن الاكتفاء بمجرّد الغسل المذكور مع الحكم بأنّ الغسالة بأجمعها نجسة؟ إذ لا معنى للنجس الشرعي إلّا وجوب الاجتناب المستتبع لوجوب الغسل.
فكما أنّ التطهير بالغسل لا يتحقّق إلّا بالعصر في صورة توقّف خروج أجزاء العين النجسة بأجمعها عليه ، كذلك الحال في صورة تغيّر الغسالة لونا أو طعما أو رائحة ، لعدم تحقّق الإزالة إلّا بخروج المتغيّر ، وتوقّف الطهارة عليه إجماعا ، مع حصول الغسل العرفي وإن لم يخرج المتغيّر ، لأنّ الغسالة نجسة مع التغيّر إجماعا.
وكذلك الحال إذا غسل بالماء المضاف والماء النجس ونحوهما ، إلى غير ذلك.
فكذلك لا يتحقّق الغسل إلّا بالعصر في صورة كون الماء بمجرّد الملاقاة ينجس ، إذ عرفت أنّ النجاسة الشرعيّة معناها معنى واحد في المتنجّس والنجس ، وهو وجوب الاجتناب المذكور.
فلا بدّ من إخراج جميع الغسالة حتّى تحصل الطهارة ، إلّا أنّ طهارة المتخلّف بعد العصر المتعارف إجماعيّة ، وهو مقتضى الأخبار الدالّة على حصول الطهارة بالغسل.
مع أنّ المتعارف في الغسل إخراج ما يراد إزالته وخروجه بالعصر المذكور ، يعني الأعم من الغمز وغيره ، والإطلاق ينصرف إلى المتعارف ، وإن لم يكن العصر داخلا في مفهوم الغسل.
فإذا بني الأمر على أنّ الشارع قال بانفعال الماء في الغسل بالملاقاة وصيرورته نجسا ، لزم من ذلك إخراج الكلّ على الطريق المتعارف في الغسل ، وانحصار المطهّر الشرعي من الغسل فيما هو الغالب والمتعارف تحقّقه من الناس ، سيّما وأفتى المشهور من القدماء والمتأخّرين بوجوب العصر.
مع أنّ النجاسة مستصحبة حتّى يحصل اليقين بالطهارة ، واليقين إمّا من الإجماع أو الأخبار.