نعم ، القسم الثاني من الضرب الثاني داخل في قولهم ومرادهم ، من جهة قولهم بانفعال الماء في الغسل أيضا ، على حسب ما مرّ.
ومع ذلك يرد عليه أنّه لو كان من الشرع دليل على النجاسة وعدم الطهارة ، فمن الشارع ثبت الضرر والحرج ، كما هو الحال في القسم الأوّل من الضرب الثاني الذي لا يمكن خروج أجزاء العين النجسة منه بوجه من الوجوه.
ولو لم يكن ، فعدم الدليل كاف لا حاجة إلى التمسّك بلزوم الحرج والضرر ، والقياس مع الفارق الواضح ، إذ عرفت الوجه في الحكم بطهارة ما بقي بعد العصر.
وأين هو من المقام؟ إلّا أن يكون مراده أنّ بعد تسليم العموم في انفعال القليل بحيث يشمل صورة الملاقاة في الغسل يكون التعارض بينه وبين عموم نفي الضرر والحرج عموما من وجه ، يصلح أن يصير كلّا منهما مخصّصا للآخر ، فتبقى الاصول سالمة.
لكن الظاهر أنّ ما دلّ على الانفعال مطلقا خاصّة بالنسبة إلى عموم نفيهما ، أو أخصّ بمراتب ، بحيث يترجّح كونه مخصّصا ، لا أنّ هذا وعكسه سواء في النظر.
ومع هذا لا يتحقّق الضرر غالبا ، لأنّ فرض سراية النجاسة في الأعماق ، مع عدم التمكّن من الجاري ، أو الكثير ، أو البئر أصلا ، مع عدم الشمس المطهّرة ، أو غيرها من المطهّرات التي أمكنت ، وكانت مطهّرة له شرعا ، ومع ذلك لا يكون فيه نفع آخر مطلقا ولا يمكن استعماله فيما لا يشترط فيه الطهارة نادر جدّا ، بحيث يكاد يلحق بالعدم ، ومثله غير عزيز في الشرع.
ومنه يعلم عدم الحرج أيضا ، فإنّ مثله لا يكون حرجا في الدين ، فإنّه إنّما يكون فيما يعمّ به البلوى ، أو لا يكون بهذه الندرة.
وممّا ذكر ظهر حال المائعات المتنجّسة ، وكذا المياه المضافة ، لأنّ التطهير فرع ملاقاة الماء ومماسّته كلّ جزء جزء.