ولا يحصل العلم بذلك مع العلم ببقاء الماء على إطلاقه حال المماسّة وعدم خروجه عن الإطلاق حال التطهير.
وكذا الحال في السمن والدهن كذلك ، لعدم العلم بوصول الماء كلّ جزء جزء منهما ، مع ما بينهما وبين الماء حال المماسّة من المنافرة التامّة.
ومع حصول العلم على فرض التسليم في صورة الذوبان بالماء الكرّ الحارّ شديد الحرارة ، لم يعلم البقاء على الإطلاق ، وعدم الصيرورة مرقا ، وإن نقل عن العلّامة تطهّرهما بذلك (١) ، لأنّ النجاسة كانت يقينيّة ، إلى أن يحصل اليقين بالزوال وحصول الطهارة على وفق ما ثبت من الشرع.
وما قيل من تطهّر جميع ذلك بمجرّد ملاقاة الكثير من الماء (٢) ، فيه ما فيه.
نعم ، لو استهلك الامور المذكورة في الكرّ أو الجاري ، أو ما وافقهما في عدم الانفعال بمجرّد الملاقاة يحكم بصيرورتها طاهرة من جهة الاستهلاك وصيرورتها ماء ، والأصل في الماء الطهارة حتّى يحصل العلم بنجاسته.
وما قاله المصنّف من إطلاق الأمر بالغسل الشامل للقليل والكثير ظاهر الفساد ، إذ لم يوجد ممّا ذكره من الإطلاق عين ولا أثر ، إذ الوارد هو الأمر بغسل الثوب والجسد والإناء والفرش ، وما ماثلها.
وعلى فرض الإطلاق ، عرفت أنّ الأحكام المذكورة من المشهور بناء على انفعال الماء بمجرّد الملاقاة مطلقا إلّا ما استثنوه ، مثل الاستنجاء ونحوه.
فالإطلاق يصير مقيّدا البتّة ، ولذا قيّدوا المطلقات الواردة في الثوب ونحوه بوقوع العصر وخروج النجاسة به ، مع احتمال كون العصر داخلا في مفهوم الغسل
__________________
(١) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٢ / ٣٣١ ، لاحظ! تذكرة الفقهاء : ١ / ٨٧ و ٨٨.
(٢) تذكرة الفقهاء : ١ / ٨٧ و ٨٨ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٣٣١ ، ذخيرة المعاد : ١٦٣.