للمقام ، بل منحصر في الثوب والجسد ، ففيه ، أنّه ورد الأمر بالغسل في الأواني ، وربّما كانت آنية صيقليّة ، مع أنّه إذا لم يكن شاملا للمقام فمن أين تحكم بالنجاسة فيه مع عدم دليل؟ ولم يأمر بالمسح الذي لا دليل عليه أصلا؟
وكيف يمكن حكمك بالنجاسة من جهة ورود الأمر بالغسل في الثوب ونحوه وتقول بعدم وجوب الغسل وكفاية المسح؟
فإن كان التعدّى من مورد النصّ بسبب تنقيح المناط ، فلازم ذلك وجوب الغسل في المقام أيضا ، وإلّا فكيف تحكم بالنجاسة من دون دليل بزعمك؟
وإن بنى على أنّ الدليل هو الإجماع ، فمن المعلوم من المجمعين أنّه إذا صار شيء محكوما بالنجاسة شرعا فلا بدّ في الحكم بغير النجاسة فيه من دليل شرعي ، إذ تغيّر حكم شرعي إلى حكم آخر شرعي مغاير للأوّل كيف يمكن بغير دليل شرعي؟ وأيّ دليل على كون المسح مطهّرا ، وأنّ بعده تتبدّل النجاسة الثابتة شرعا بالطهارة الشرعيّة؟
على أنّ ما ذكره المصنّف ـ إن تمّ ـ لزم عدم تنجّس الأشياء بنجس العين ، وإن كانت ملاقية له رطبا ، بل غريقة فيه ملتزقة له بحيث لا يمكن الانفكاك ، لأنّ الذي يجب الاجتناب عنه خصوص نجس العين ، لا المتنجّس منه ، بل لا يكون شيء متنجّسا منه أصلا ، لعدم وجوب اجتناب عنده إلّا من نفس الأعيان.
فقوله : (فكلّ ما علم زوال النجاسة حكم بتطهيره) ، فيه ما فيه ، لأنّه لم يكن نجسا أصلا حتّى يحكم بتطهيره بعد زوال العين ، والنجس زال وذهب.
ولا يمكن تطهيره ، إلّا أن يكون مراده من قوله : تطهيره ، يعني زوال عين النجاسة عنه.
وفيه أيضا ما فيه : لأنّ المعنى حينئذ : أنّ ما زال عين النجاسة عنه ، حكم بأنّه زال عين النجاسة عنه.