وصرّح بعض المتأخّرين بمساواته للخمر في جميع الأحكام (١).
ويؤيّده أيضا أنّ حدّه حدّ شارب الخمر ، وكونه خمرا حقيقيّا مع عدم معروفيّته بالإسكار. وبسطنا الكلام فيه في الرسالة (٢) ، مع أنّه على القول بأنّه خمر مجازي ظهر حاله أيضا.
ثمّ اعلم! أنّ الأصحاب حملوا الأخبار الدالّة على طهارة الخمر والمسكرات على التقيّة ، لأنّ النبيذ والفقاع وأمثالهما طاهرة عند العامة.
فما نقل عن «قرب الإسناد» عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الصادق عليهالسلام أنّه سأله عن الخمر والنبيذ المسكر يصيب ثوبي أغسله أو اصلّي فيه؟ قال : «صلّ فيه إلّا أن تقذره فتغسل منه موضع الأثر ، إنّ الله تعالى [إنّما] حرّم شربها» (٣) ، وإن كان صحيحا ، إلّا أنّه موافق لمذهب العامة ، من جهة أنّ النبيذ المسكر كان عندهم طاهرا ، على حسب ما يظهر من الأخبار ، فلا يعارض ما دلّ على نجاسة الخمر والنبيذ ، لموافقته لمذهب الخاصة وللإجماعات ، ولمخالفته للعامة وغيرها.
مع أنّ الفقهاء أعرف بالتقيّة ، وفي غاية الاطّلاع بمذاهب العامة في جميع أبواب الفقه ، ومع ذلك حملوا الأخبار الدالّة على الطهارة على التقيّة.
والمدار في الحمل على التقيّة ومعرفة الشهرة والعدالة وغير ذلك على أقوالهم ، فلا يرد عليهم أنّ أكثر العامة قالوا بنجاسة الخمر ، إذا عرفت أنّ في الأخبار المعتبرة الدالّة على طهارة الخمر طهارة النبيذ المسكر أيضا ، والأخبار
__________________
٣٦٩ ، وسائل الشيعة : ١٧ / ٢٢٩ الحديث ٢٢٣٩٩.
(١) ذخيرة المعاد : ١٥٥ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٥ / ١١٨ و ١١٩.
(٢) انظر! الرسائل الفقهية (رسالة في حكم العصير التمري والزبيبي) : ٩٤ و ٩٥.
(٣) قرب الإسناد : ١٦٣ الحديث ٥٩٥ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٧٢ الحديث ٤٢١٠.