الرابع : مقتضى صحيحة زرارة وما ماثلها أنّ كلّ ما جفّفته الشمس طهرت (١).
ويؤيّدها أيضا ما ذكرنا من السهولة ونفي الحرج الشائعة بين المسلمين في الأعصار والأمصار.
فما نسب إلى ظاهر «المنتهى» من أنّ الذي تطهّره الشمس هو ظاهر الأرض دون باطنها (٢) ـ يعني السطح الظاهر الذي أشرقت عليه ضوء الشمس ، لو كانت النسبة صحيحة ـ يكون محلّ نظر ، لأنّ الباطن المتّصل بالظاهر الذي تجفّفه الشمس مع الظاهر ، يطهر أيضا مع الظاهر.
وكذلك الحال في الجدران ، إلّا أن لا يكون متّصلا بالظاهر ، أو يكون متّصلا كوجهي الحائط المتّصل ، لكن النجاسة فيهما غير خارقة ، فيختصّ الطهارة بما صدق الإشراق ، كما نصّ به جماعة من المتأخّرين (٣).
ومقتضى ذلك أنّ النجاسة فيهما لو كانت خارقة متّصلة ، وأشرقت الشمس على السطح الظاهر عليها ، وجفّفت جميع رطوبات تلك النجاسة من الظاهر إلى الباطن إلى الوجه الآخر يصير الكلّ طاهرا ، لتجفيف الشمس إيّاه على سبيل التشريق.
ولو جفّفت من غير تشريق ، بأن لم تكن النجاسة متّصلة إلى السطح الذي أشرق عليه الشمس لم يطهر ، لأنّ المتبادر من التجفيف المذكور في الصحيحة ما هو بعنوان الإشراق وإصابة الضوء ، بل هو الظاهر من الأخبار.
ولهذا لو تجفّفت المواضع التي لا تصيبها الشمس لم يطهر ، وإن كان جفافها من شدّة حرّ الشمس.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٧ الحديث ٧٣٢ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٥١ الحديث ٤١٤٦.
(٢) نسب إليه في الحدائق الناضرة : ٥ / ٤٥١ ، لاحظ! منتهى المطلب : ٣ / ٢٧٦.
(٣) مسالك الأفهام : ١٢٩ ، الروضة البهيّة : ١ / ٦٦ ، ذخيرة المعاد : ١٧١.