قوله : (تطهر). إلى آخره.
المشهور عند علمائنا أنّ النار مطهّرة لما يستحيل بها رمادا أو دخانا ، لما ستعرف من كون الاستحالة من المطهّرات ، وللإجماع الذي نقله في «الخلاف» (١) والإجماع الذي نقله في «المعتبر» من أنّ الناس أجمعوا على عدم توقّي دواخن السراجين النجسة (٢) ، ولو لم تكن طاهرة لما أجمعوا.
لكن قال في «المدارك» بعد ذلك : ولا معارض لذلك إلّا التمسّك بالاستصحاب ، وهو لا يصلح للمعارضة ، لما بيّناه مرارا من أنّ استمرار الحكم يتوقّف على الدليل ، كما يتوقّف ابتداؤه (٣) ، انتهى.
وفيه ، أنّ ما ذكره من الإجماع لو كان دليلا ، فلا شكّ في عدم معارضة الاستصحاب إيّاه على القول بحجّيّته أيضا ، لأنّ الاستصحاب لا يعارض الدليل الشرعي ، فإنّ معناه الحكم ببقاء الحكم إلى أن يثبت من الشرع عدم البقاء.
مع أنّ الأدلّة على حجّية الاستصحاب كثيرة ، إذ الأخبار الدالّة على عدم جواز نقض اليقين بحكم الشكّ فيه بعد ذلك اليقين كثيرة ، واضحة السند والدلالة ، بل في غير واحد منها عدم جواز نقض اليقين إلّا بيقين مثله (٤).
مع أنّه رحمهالله مداره على حجّية الاستصحاب ، مع أنّ الاستصحاب لا يجري بعد تغيّر الماهيّة بالبديهة ، ولم يقل ذلك أحد. فإنّ الكلب نجس ما دام كلبا ، فأمّا إذا صار ملحا أو ترابا فلا يكون نجسا قطعا ، لأنّ المحكوم بالنجاسة لم يكن إلّا الكلب
__________________
(١) الخلاف : ١ / ٤٩٩ المسألة ٢٣٩.
(٢) المعتبر : ١ / ٤٥٢.
(٣) مدارك الأحكام : ٢ / ٣٦٨.
(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٥ الباب ١ من أبواب الوضوء.