وممّا ذكر ظهر كون الحقّ مع المشهور ، وأنّ ما نسب إلى الشيخ وابن الجنيد ليس بشيء (١) ، لأنّ مضيّ زمان ينقلب الخمر خلّا أيّ فائدة فيه مع استهلاكها؟ لأنّها باستهلاكها صارت خلّا البتّة.
ولا فرق بين الاستهلاك والانقلاب ، إذ بالاستهلاك تحقّق تغيّر الاسم والخروج عن الخمريّة البتّة.
وإن بني على أنّه ورد في الأخبار كون الانقلاب مطهّرا لها ، وطهارتها مع نجاسة الخلّ الممزوج ممّا لا يجتمعان ، فظهر من ذلك طهارة الخلّ أيضا ففيه ، أنّه ليس هاهنا انقلاب حقيقة ، وفرض الانقلاب غير نفس الانقلاب ، والوارد في الأخبار نفس الانقلاب لا فرضه.
وإن بنيت على أنّ المعتبرة تشمل ما نحن فيه ، لأنّ قوله عليهالسلام : «لا بأس بجعل الخمر خلّا» ، أعمّ من أن يكون بالاستهلاك أو الانقلاب ففيه ، أنّه على هذا لا وجه للاشتراط لمضيّ زمان يحصل الانقلاب ، لأنّه ينادي بأنّهما أيضا فهما من الأخبار الجعل بعنوان الانقلاب ، كما هو المتبادر منها بالاستهلاك ، لأنّ الاستهلاك لا خصوصيّة له بالخلّ ، بل الاستهلاك بالماء مطهّر لا غبار عليه إذا كان كرّا ونحوه ، بخلاف الاستهلاك في المائعات ، لانفعالها بمجرّد الملاقاة البتّة ، ولا ينفع الانقلاب في غير الخلّ البتّة.
فأيّ فرق بين الخلّ وغيره؟ مع أنّه كيف يجوز أن يكون قطرة خمر مستهلكة فيه صارت طاهرا بالانقلاب الفرضي أو الاستهلاك؟ ثمّ يصير جميع ما استهلكت فيه طاهرا بادّعاء ظهور الأخبار في ذلك ، سيّما مع كون النجاسة اليقينيّة يستدعي الطهارة اليقينيّة
__________________
(١) مسالك الأفهام : ١٢ / ١٠٢.