من القرينة ، لأنّهم كانوا يتنزّهون عن القذارات في ماء الوضوء والغسل ، كما اعترف به المصنّف.
الثالث : عدم دلالة لفظ «القليل» على أقلّ من الكرّ ، لا وضعا ولا من جهة القرينة ، وإن أراد دخول الأقلّ من الكرّ ، ففيه ، أنّ العام لا يعارض الخاص.
الرابع : إنّ رفع الحرج لا يقتضي عدم الانفعال في مثل هذا الوقت ، أو هذا الفعل ، بل الأنسب التيمّم ، لأنّه أسهل من الغسل ، ثمّ أسهل ، والحرج إنّما يتحقّق في الواجب والحرام ، لأنّ المستحبّ فعلا أو تركا من الكثرة بحيث يكون زائدا عن قدرة المكلّف جزما ، ولا يقال : إنّه حرج ، فتأمّل!
فيمكن أن يكون المراد : أنّه لو بني على انفعال الماء في طريق الأسفار ، سيّما سفر الحجاز من العراق أو العكس ، أو مطلقا يلزم الحرج ، لما عرفت من أنّ ما ورد من عدم انفعال القليل موافق للتقيّة (١) ، وأنّ المعروف بين العامّة في الحجاز والعراق هو عدم الانفعال.
فهذا الخبر على تقدير تسليم الدلالة يكون واردا على التقيّة ، لما ذكر ، ولقرينة الأمر بالوضوء. وتمام الكلام في هذا الاحتمال بيّناه في حاشيتنا على «الوافي» (٢).
مع أنّك عرفت أنّ الحسنة لو كانت صحيحة صريحة لوجب طرحها أو تأويلها البتّة ، ومع ذلك الخاصّ مقدّم قطعا ، سيّما في المقام.
قوله : (ولأنّه لو انفعل). إلى آخره.
لا يخفى أنّ ما ذكره فاسد من وجوه ، إذ لا يلزم من القول بانفعال القليل في
__________________
(١) في (ك) : للعامّة.
(٢) مخطوط.