أقرب عهد بالفقهاء وأعرف.
مع أنّ كتاب «من لا يحضره الفقيه» و «الكافي» واضحان في كونه خمرا حقيقة عند الصدوقين بعد الكليني والبخاري من العامّة وغيره (١).
وبالجملة ، إطلاق لفظ «الخمر» على العصير الغالي ممّا لا شبهة فيه ، كما أشرنا في مبحث المسكرات ونجاستها ، وكون ظاهره الحقيقة بملاحظة القرينة التي أشرنا لا شبهة فيه.
وعلى فرض المجازية فهم مسلّمون أنّ أقرب المجازات إلى الحقيقة أولى ، بل ومتعيّن ، وبهذا استدلّوا لنجاسة المسكر والفقاع.
أمّا الفقاع ، فلما ورد من أنّه خمر مجهول ، وغير ذلك (٢).
وأمّا المسكر ، فلما ورد : أنّ ما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر ، لأنّ الخمر لم تحرم لاسمها ، بل حرمت لعاقبتها (٣).
والاستدلالان مشهوران معروفان منهم ، ولذا لم يقولوا بأنّ نجاسة المسكر والفقاع لا أصل لها ، ولا دليل عليها ، ومع ذلك قالوا بأنّ نجاسة العصير ممّا لا دليل عليها ، ولا أصل لها مطلقا (٤) ، مع ما عرفت من اتّحاد الحال ، بل كون العصير أقوى ، لظهور كثرة استعمال لفظ «الخمر» فيه ، بل وظهور كون الغالي خمرا حقيقيا ، بل هو الخمر ، فلاحظ الأخبار وغيرها ممّا ذكر.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٤٠ ، الكافي : ٦ / ٤١٩ ، صحيح البخاري : ٤ / ١١ ـ ١٣ الباب ٢ ـ ٥ ، سنن أبي داود : ٣ / ٣٢٤ ـ ٣٢٩ الحديث ٣٦٦٩ ـ ٣٦٨٧.
(٢) الكافي : ٣ / ٤٠٧ الحديث ١٥ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٢٨٢ الحديث ٨٢٨ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٩ الحديث ٤٢٠١.
(٣) الكافي : ٦ / ٤١٢ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٤٣ الحديث ٣٢٠٧٨.
(٤) لاحظ! ذكرى الشيعة : ١ / ١١٥ ، ذخيرة المعاد : ١٥٤ و ١٥٥.