لكن الشيخين ومن تبعهما فسّروه بالعراقي (١) ، لأنّ المرسل عراقي (٢) ، وليس إرساله إلّا عن مشايخه وهم عراقيّون. والمعصوم عليهالسلام كان عارفا باصطلاح البلدان سيّما العراق ، فكلامه على اصطلاح الراوي أنسب ، ولذا في أكثر الأخبار : إنّ الصاع تسعة أرطال (٣) ، ولأنّه أوفق بتقدير المساحة وأقرب إليه.
ولصحيحة ابن مسلم عن الصادق عليهالسلام قال : «الكرّ ستمائة رطل» (٤) وبأنّ المراد بالرطل ، المكّيّ ، وهو ضعف العراقي.
ويقرّ به أنّ ابن أبي عمير روى عن ابن المغيرة يرفعه إلى الصادق عليهالسلام قال : «الكرّ ستمائة رطل» (٥).
وصحيحة ابن مسلم المذكورة ، وهي عن ابن المغيرة ، عن الخزّاز ، عن ابن مسلم ، فربّما يظهر كون الروايتين واحدة ، وأنّها هي المشهورة المذكورة ، فإنّ ابن مسلم سأل الصادق عليهالسلام في مكّة ، فأجابه عليهالسلام على اصطلاح مكّة ، وكان ذلك معهودا معروفا من الراوي ، ولذا ربّما عبّر بستّمائة ، وربّما عبر بألف ومائتي رطل نقلا بالمعنى على اصطلاح العراقي.
وممّا يعيّن ذلك موافقته لرواية الأشبار الثلاث (٦) ، وستعرف كونها صحيحة وكونها أقوى من رواية أبي بصير (٧) وأرجح ، بحيث يتعيّن الفتوى بها.
__________________
(١) المقنعة : ٦٤ ، المبسوط : ١ / ٦ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٣ ، المهذّب : ١ / ٢١ ، غنية النزوع : ٤٧.
(٢) وهو ابن أبي عمير في الرواية التي مرّت آنفا.
(٣) وسائل الشيعة : ٩ / ٣٤٠ الباب ٧ من أبواب زكاة الفطرة.
(٤) تهذيب الأحكام : ١ / ٤١٤ الحديث ١٣٠٨ ، الاستبصار : ١ / ١١ الحديث ١٧ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٦٨ الحديث ٤١٨.
(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ٤٣ الحديث ١١٩ ، الاستبصار : ١ / ١١ الحديث ١٦ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٦٨ الحديث ٤١٧.
(٦) مرّت آنفا.
(٧) وسائل الشيعة : ١ / ١٦٦ الحديث ٤١٣.