على أنّه قد عرفت أنّ الماء طاهر حتّى يستيقن نجاسته ولا يحصل اليقين بها إلّا إذا كان أقلّ من ألف ومأتي رطل بالعراقي.
وأمّا إذا كان أقلّ منه بالمدني فلا يحصل اليقين البتّة ، لاحتمال إرادة العراقي ، ولو كان احتمالا مرجوحا ، فما ظنّك بالتساوي؟
ولكن الظاهر ، بل المعلوم : أنّه إذا حصل الرجحان يكون ظنّا اجتهاديّا يجب العمل به ويتعيّن ، لانتهائه إلى اليقين.
والظنّ الذي لم يعتبر في الحكم بالنجاسة إنّما هو الظنّ في موضوع الحكم الشرعي لا في نفسه ، مثل الظن بملاقاة الماء القليل النجاسة ، أو الظن بالتغيّر ، وأمثال ذلك.
لكن الظن في كونه مدنيّا مفقود ، لأنّ ما ذكره الصدوق رحمهالله وإن كان مفيدا لظنّ ما لكن يعارضه ما ذكرناه ، بل يغلب عليه.
وعلى تقدير التساوي فالأصل طهارة الماء حتّى يستيقن النجاسة ، وإن كان بالظنّ الاجتهادي وهو مفقود.
وأمّا ما احتجّ به المرتضى رحمهالله فقد ظهر جوابه ، وأمّا تمسّكه بالاحتياط (١) ففي غاية الضعف ، لأنّ الاحتياط لا يعارض أصل البراءة فضلا عن الاستصحاب والعمومات والخصوصات التي ذكرنا ، مع أنّ الاحتياط ربّما يكون في العراقي ، مثل ما إذا انحصر الماء في الكرّ العراقي الملاقي للنجس.
قوله : (للخبر).
أقول : هو رواية أبي بصير عن الصادق عليهالسلام ، قال : سألته عن الكرّ من الماء كم يكون قدره؟ قال : «إن كان الماء ثلاثة أشبار ونصف في مثله ثلاثة أشبار
__________________
(١) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ١٨٥.