بل ظاهر هذه الرواية تقديم التعشّي على الصلاة ، صونا لمنازعة النفس في أثنائها ، مضافا إلى ما دلّ على الاهتمام التامّ في حضور القلب وطمأنينته في الصلاة ، وعدم مشغولية الخاطر بالأفكار وظهر ممّا ذكر وجه إلحاقهم بالانتظار منازعة النفس.
وما قيل من أنّه مأمور بجهاد النفس فيجاهد نفسه (١) ، ليس بشيء ، لأنّه أمر في غاية الصعوبة ، لا يتأتّى حصوله تلك الساعة.
مع أنّه ربّما لا يتأتّى منه الجهاد من جهة أنّ الطبيعة مجبولة بشهوة ، بدل ما يتحلّل منه ، فربّما يخرج الجهاد عن طاقته.
وأمّا تأخير المفيض من عرفة ، فإنّه مستحبّ ، وإن مضى ربع الليل بالإجماع (٢).
وفي الصحيح عن ابن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : «لا تصلّي المغرب حتّى تأتي جمعا وإن ذهب ثلث الليل» (٣) وسيجيء تمام التحقيق إن شاء الله تعالى.
وأمّا استحباب تأخير القاضي ، فسيأتي تحقيقه.
وأمّا تأخير صاحب العذر لأن يصلّي بعد زوال عذره على الوجه الأكمل ، فقد مرّت الأخبار الدالّة عليه ، وإيجاب السيّد وجماعة (٤) ، لعلّه في صورة كون زواله بعنوان السرعة ضروريّا ، ولا نزاع فيه ، وجعل إيجابهم في الأعمّ ، فيه ما فيه.
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٦ / ١٩١ و ١٩٢.
(٢) لاحظ! السرائر : ١ / ١٩٩ منتهى المطلب : ٢ / ٧٢٣ ط. ق ، مدارك الأحكام : ٣ / ١١٣ ، جامع المقاصد : ٢ / ٢٦.
(٣) تهذيب الأحكام : ٥ / ١٨٨ الحديث ٦٢٥ ، الاستبصار : ٢ / ٢٥٤ الحديث ٨٩٥ ، وسائل الشيعة : ١٤ / ١٢ الحديث ١٨٤٦٢.
(٤) رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٤٩ ، الانتصار : ٣١ و ٣٢ ، الكافي في الفقه : ١٣٦ ، المراسم : ٧٦ ، السرائر : ١ / ١٣٥ ، راجع! الصفحة : ٣٦٩ ـ ٣٧٢ (المجلّد الرابع) من هذا الكتاب.