لا يقال : لعلّ المراد منها ما إذا حصل الجزم بدخول الوقت للمكلّف ثمّ انكشف فساد جزمه.
لأنّا نقول : ظاهر الرواية أنّ وقت المغرب غياب القرص واقعا ، بملاحظة ما مرّ من الأخبار السابقة ، وأنّه إذا رؤي بعد الغيبة ظهر عدم دخول الوقت أعمّ من أن تكون الرؤية بعد الغيبة عن نظر المكلّف حال جزمه بالغيبة واقعا أو ظنّه. مع أنّ الظنّ فيه أقرب ، وحصول الجزم مع التخلّف أبعد.
وممّا ذكر ظهر فساد المناقشة بوجه آخر أيضا وهي أنّ المستفاد من الرواية أنّ وقت المغرب غيبوبة القرص عن نظر المكلّف أيّ غياب كان ، إلّا أنّه يشترط عدم الرؤية بعد تلك الغيبة لأنّه خلاف ما ظهر من الأخبار والأدلّة.
ومع ذلك يلزم فساد الصوم أيضا وقد عرفت فساده ، مع أنّ حمل الحديث على ما ذكر خلاف المجمع عليه.
بل الظاهر أنّه خلاف الضروري ، مع أنّه لعلّه لم يقل أحد بالفرق بين الجزم الفاسد والظنّ الفاسد ، فتأمّل جدّا!
هذا ، ويدلّ على المذهب المشهور موثّقة ابن بكير أيضا عن الصادق عليهالسلام أنّه قال له : ربّما صلّيت الظهر في يوم غيم فانجلت فوجدتني صلّيت حين زال النهار ، فقال : «لا تعد ولا تعد» (١).
ويدلّ عليه أيضا الأخبار الواردة في جواز التعويل على قول المؤذّنين وأصوات الديوك مثل رواية محمّد بن خالد ، عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : إنّي أخاف أن اصلّي الجمعة قبل أن تزول الشمس ، قال : «إنّما ذلك على المؤذّنين» (٢).
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٤٦ الحديث ٩٧٩ ، الاستبصار : ١ / ٢٥٢ الحديث ٩٠٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١٢٩ الحديث ٤٧٠٧ مع اختلاف يسير.
(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٤ الحديث ١١٣٧ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٧٩ الحديث ٦٨٤٣ مع اختلاف يسير.