والظاهر أنّ مرادهما ، أنّ العلّة التي كنّا نصحّح الصلاة فيها باقية على حالها لم تتفاوت ، لأنّ غصب الغاصب لا يصير منشأ لعدم الإذن لغيره وعدم الرضا.
نعم ؛ الغاصب لا يجوز أن يصلّي فيها ، لحصول العلم العادي بعدم رضاء المغصوب منه ، بفعل الغاصب مطلقا.
ولا يرد على السيّد بأنّك لا تقول بحجّية الاستصحاب ، فكيف تمسكت به؟ لأنّ مراده الاستصحاب اللغوي ، كما هو عادتهم في استعمال ذلك أيضا ، مع أنّ الاستصحاب لم يكن حجّة عند المرتضى ، فكيف يتمسّك في المقام به؟
ثمّ لا يخفى أنّ ما ذكرنا مختص بحال كون المكلّف عالما بالغصبية ومختارا.
أمّا المضطر ، فلا شكّ في صحّة صلاته ، وأمّا الناسي ؛ فالظاهر أنّ صلاته أيضا صحيحة ، لكون النهي مرتفعا عنه.
وأمّا الجاهل بالغصب فصلاته صحيحة إجماعا ، ومنشأه عدم توجّه النهي إليه بالبديهة ، لكونه معذورا بالنسبة إلى موضوعات الأحكام ، فلا معنى للإبطال.
وأمّا الجاهل بالحكم فصرّح الأصحاب بأنّه غير معذور ، فتبطل صلاته كما حقّق في محلّه ، وفي إلحاقه بجاهل الغصب ، كما عليه بعض المتأخّرين (١) ، نظر ظاهر.
ثمّ اعلم! أنّه لو أذن المالك للغاصب أو غيره ، فالصلاة فيه صحيحة ، لعدم النهي المانع حينئذ ، ونقل عن الشيخ في «المبسوط» أنّه قال : لو صلّى في مكان مغصوب مع الاختيار لم تجز الصلاة فيه (٢).
ولا فرق بين أن يكون هو الغاصب أو غيره ، ممّن أذن له في الصلاة ، لأنّه إذا كان الأصل مغصوبا ، لم يجز الصلاة فيه.
__________________
(١) نهاية الإحكام : ١ / ٣٧٨.
(٢) المبسوط : ١ / ٨٤.