وتأمّل فيه المقدّس الأردبيلي بأنّ الإجماع فيه غير ظاهر ، والأخبار ليست بصريحة في ذلك ، والنهي الوارد بعدم الصلاة مع النجاسة ، والأمر الوارد بالصلاة مع الطهارة المستلزم له غير واصل إليه ، فلا يمكن الاستدلال بالنهي المفسد للعبادة ، لعدم علمه به ، فكيف يكون منهيّا عنه؟ (١) انتهى.
أقول : فيه أوّلا : أنّ الإجماع ظاهر كمال الظهور بل صريح ، إذ من جملة من ادّعى الإجماع العلّامة ، وهو صرّح بأنّ حكم الجاهل حكم العامد (٢).
وثانيا : أنّ الأخبار وإن لم تكن صريحة ، إلّا أنّها ظاهرة البتّة ، مع أنّها ليست صريحة في حكم العامد أيضا (٣). سلّمنا ، لكن يكفي لنا عدم القول بالفصل.
واستشكل في «المدارك» أيضا ، لقبح تكليف الغافل ، وقال : والحقّ أنّهم إن أرادوا بكون الجاهل كالعامد أنّه مثله في وجوب الإعادة في الوقت ، مع الإخلال بالعبادة فهو حقّ ، لعدم حصول الامتثال المقتضي لبقاء المكلّف تحت العهدة.
وإن أرادوا أنّه كالعامد في وجوب القضاء فهو على إطلاقه مشكل ، لأنّ القضاء فرض مستأنف ، فيتوقّف على الدليل ، فإن ثبت مطلقا أو في بعض الصور ثبت الوجوب وإلّا فلا.
وإن أرادوا أنّه كالعامد في استحقاق العقاب فمشكل ، لأنّ تكليف الجاهل بما هو جاهل تكليف بما لا يطاق.
نعم هو مكلّف بالبحث والنظر إذا علم وجوبهما بالعقل أو الشرع ، فيأثم بتركهما لا بترك ذلك المجهول (٤) ، انتهى.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١ / ٣٤٢.
(٢) نقل عنه في مدارك الأحكام ، ٢ / ٣٤٤ ، ذخيرة المعاد : ١٦٧.
(٣) في (ز ٣) : العالم أيضا فما تقول الجواب عنه فهو الجواب هنا.
(٤) مدارك الأحكام : ٢ / ٣٤٤.