واجيب عن الروايتين بعدم صحّة السند ، لكون الاولى موثّقة ، والثانية في طريقها محمّد بن عبد الحميد ، ولم يوثّق صريحا (١).
وهذا الاعتراض أيضا ظهر فساده مرارا ، لأنّهما منجبرتان بعمل الأصحاب ، لأنّ القدماء والمتأخّرين عملوا بهما.
بل اتّفقوا كلّ الاتّفاق لأنّهما حجّة عند جميع الفرق المذكورة ، أمّا المشهور فظاهر ، وأمّا من قال بالتخيير مطلقا ، أو مع استحباب الصلاة فيه أيضا فلما ستعرف ، مع أنّ الموثّق حجّة كما حقّق ، سيّما مع كونها مرويّة في «الكافي» (٢) الذي حكم مصنّفه بكون جميع أحاديثه صادرة عن المعصوم عليهالسلام ، بعنوان الصحّة واليقين.
مع أنّ ابن إدريس وغيره ممّن لم يقل بحجيّة خبر الواحد عملوا بالروايتين ، فهما قطعيّتان عندهم على الظاهر ، أو مستندا الإجماع القطعي عندهم ، وهم كثيرون (٣) ، فتدبّر!
ومحمّد بن عبد الحميد عدّ حديثه صحيحا ، كما ستعرف.
هذا ؛ مع انجبار هما بقويّة الحلبي المذكورة (٤) ، والعمومات الكثيرة بعد الإجماع المذكور ، لأنّه ادّعى إجماع الفرقة ، ولا أقلّ من الشهرة العظيمة بين القدماء.
ولذا لم ينقل التخيير ، إلّا عن خصوص جمع من التأخّرين (٥) ، مع ما عرفت
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٢ / ٣٦٠ ، ذخيرة المعاد : ١٦٩.
(٢) الكافي : ٣ / ٣٦٩ الحديث ١٥.
(٣) الخلاف : ١ / ٤٧٥ ، السرائر : ١ / ١٨٦ ، كشف اللثام : ١ / ٤٥٤.
(٤) مرّ آنفا.
(٥) منتهى المطلب : ٣ / ٣٠٣ ، الدروس الشرعيّة : ١ / ١٢٧ ، مسالك الأفهام : ١ / ١٢٨ و ١٢٩ ، جامع المقاصد ١ / ١٧٧ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٣٦١.