ويرد عليهم أنّ مقتضى هذه الروايات تعيين الصلاة في الثوب بعنوان الوجوب من دون تجويز غيره ، كما أنّ الأدلّة السابقة اقتضت وجوب الصلاة عريانا ، من دون تجويز غيره.
فهذه الروايات لم يقل بها أحد ، ومضامينها خلاف ما اتّفق عليه الكلّ وخلاف الأدلّة السابقة ، وخلاف الإجماع الذي نقله في «المنتهى» ، لأنّه نقل الإجماع على جواز الصلاة عاريا (١).
ولأجل ما ذكر ، حمل الشيخ الراوي لها بأنّ المراد صلاة الميّت ، أو إذا لم يتمكّن من نزعه ، وأنّ الدم دم السمك (٢) ، وهو أعرف بحال ما رواه ، ولم يجعل التخيير من جملة المحامل ، لأنّه يوجب تخريب الأدلّة السابقة ، وتخريب هذه الروايات جميعا ، لأنّ ما بين الجواز وظواهر هذه الأخبار ـ سيّما الأخبار الأخيرة ـ بون بعيد ، لأنّ الراوي لا يدري الحكم ولذا يسأل ، فاجيب بأنّ الحكم هو الصلاة في الثوب النجس.
بل وصرّح بالمنع عن الصلاة عاريا ، فعلى هذا تعيّن العمل بالأدلّة السابقة والتأويل في خصوص هذه الروايات ، كما صدر عن الشيخ وغيره من أكثر الأصحاب ، لا تخريب الكلّ ، كما صدر عن هؤلاء.
وورد عنهم عليهمالسلام الأمر بالأخذ بالخبر المشتهر بين الأصحاب ، وترك العمل بالشاذّ (٣) ، من دون أمر بتوجيه وتأويل حينئذ أصلا في خبر من الأخبار ، ولا شكّ ولا شبهة في كونها شاذّة ، مع قطع النظر عن التوجيه.
__________________
(١) منتهى المطلب : ٤ / ٢٨٣.
(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٢٤ ذيل الحديث ٨٨٥ و ٨٨٦.
(٣) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤.