ويظهر من الشهيد الثاني جواز القول بالفصل بين الإنسان وغيره (١) ، مع أنّ الإنسان ليس فردا متبادرا من أخبار المنع.
بل يمكن القطع بخروجه ، لما ورد من صحّة الصلاة في ثوب الغير ، وإن احتمل تحقّق وسخه وعرقه ، بل وشعر منه ، ونحو ذلك فيه ، وكذا لعاب الفم من القبلة وغيرها في الزوجين وغيرهما ، ومن الأطفال وغيرهم ، وعرق اليد وغيره في المصافحة وغيرها ، سيّما في البلاد الحارّة في أيّام القيظ ، وكذا لبن الزوجة عند المضاجعة والمخاصمة والملاعبة.
وبالجملة ؛ الفرقة الناجية ما كانوا يجتنبون عن أمثال ما ذكر في الأعصار والأمصار ، وما كانوا يعاملون مع الآدمي معاملة الحيوانات ، مثل السمور والسنجاب ونحوهما ، هذا والاحتياط أمر آخر.
الخامس : قد عرفت عدم دخول الإنسان فيما لا يؤكل لحمه ، وهل يدخل فيه مثل النحل ، فلا يصلّى في ثوب أصابه الشمع أو العسل ـ على ما سمعناه من تنزّه بعض العلماء عنهما ، كتنزّهه عن عرق الإنسان أيضا ـ أم لا؟ والنحل وإن لم يكن له لحم ، إلّا أنّه داخل في قوله عليهالسلام : «كلّ شيء حرام أكله» (٢).
لكن لا يخفى عدم شموله ، لمثل البق والبرغوث والقمل من الحيوانات التي يصلّى في فضلتها ودمها ولعابها البتّة ، من غير تأمّل وإشكال ، ولعلّ النحل أيضا كذلك ، بل لعلّ الأظهر أنّه كذلك ، والاحتياط أمر آخر.
السادس : إذا شكّ في كون الجلد أو الصوف ونحوهما من مأكول اللحم فمقتضى ما ذكره في «المنتهى» عدم جواز الصلاة فيه ، لكونها مشروط بما يؤكل
__________________
(١) مسالك الأفهام : ١ / ١٦٢ و ١٦٣.
(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ٣٤٥ الحديث ٥٣٤٤.