وأيّ فرق بين ما إذا تيسّر هذا الكافر ، أو تيسّر علم الهيئة ، أو تقليد أهله ، أو تقليد الفقهاء فيه.
وعرفت أنّ مقتضى العقل والنقل كون كفاية التحرّي في صورة لم يعلم أين وجه القبلة.
ومقتضى القاعدة كون العمل بالظنّ بعد العجز عن العلم ، لأنّه تعالى أراد من المكلّف استقبال جهة المسجد ، وجهته ليس معناه إلّا ما هو جهته واقعا ، فلا بدّ من استقبالها مهما تيسّر ، وبعد العجز يكفي ظنّ كونه جهته ، والقاعدة معلومة عقلا ونقلا مسلّمة عنده وعند غيره من الفقهاء.
مع أنّ المعروف من الفقهاء (١) أنّ بعد العجز عن العلم يعمل بالظنّ ، لأنّهم قالوا بعد فقد الظنّ : يصلّي إلى أربع جهات ، كما قالوا بعد فقد العلم : يعمل بالظنّ.
والظاهر أنّ الأوّل بعد العجز عن الظنّ ، فكذلك الثاني ، مع أنّ ظاهر «الفقيه» ذلك (٢) ، وهو الموافق لقاعدتهم.
والظاهر من قولهم : يجزي التحرّي إذا لم يعلم ، وإن كان مجرّد عدم العلم كافيا للإجزاء ، وإن تيسّر تحصيل العلم من دون حرج أصلا ، إلّا أنّ الإطلاق ينصرف إلى الأفراد الشائعة ، والصورة المذكورة من الأفراد النادرة.
ولذا في مقام تيسّر الظنّ الأقوى لا يكفي الأضعف ، مثل الاعتماد على كافر واحد ، مع تيسّر المسلمين المؤمنين الثقات الماهرين الكثيرين وأمثاله ، ولذا صرّح هو كغيره : بأنّ من اجتهد فأخبره غيره بخلاف اجتهاده ، عمل على قوله إذا كان أقوى الظنّين عنده ، لتعيّن التعويل على الأقوى (٣) ، فتأمّل!
__________________
(١) في (د ١ ، ٢) و (ك) و (ط) زيادة : والظاهر منهم.
(٢) لاحظ! من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٧٩.
(٣) مدارك الأحكام : ٣ / ١٣٣.