وأمّا أهل المشرق على الإطلاق فهم الذين يكونون في مقابلة أهل العراق ، مثل أهل البحرين وعمان وهرمز وما والاها ، ومن ناسبهم مثل أهل بنادر العجم ونحوهم ، فقبلتهم مغرب الاعتدال بلا شبهة يضعون الجدي على المنكب الأيمن ، كما أشرنا من دون تأمّل لأحد فيه.
وأهل العراق ـ كأهل الشام ـ ليسوا بأهل المشرق ، كما أنّهم ليسوا بأهل المغرب ، كما أنّ أهل اليمن أيضا كذلك ، والعراق والشام في مقابل اليمن ، كما عرفت ، ولذا أهل العراق قبلتهم نقطة الجنوب عند المشهور ، وقبلة أوائلهم ذلك ، وقبلة الباقين قريبة إليها ، على حسب ما عرفت ، عند جماعة من المتأخّرين (١).
وكيف كان ؛ لا يناسب جعل العراق أهل المشرق ، سيّما بعد التصريح بجعل المشرق والمغرب على اليمين واليسار ، والشمس عند الزوال على الحاجب الأيمن ، والقمر ليلة السابع ، عند غروب الشمس بين العينين ، وليلة إحدى وعشرين عند طلوعها.
والمصنّف قال : عند طلوع الفجر ، لأنّ القمر يدور حول الفلك ، من ابتداء الشهر إلى انتهائه دورة واحدة ، فإن كان الشهر ثلاثين يوما ، وكلّ سبعة لياله بأيّامها مع اثني عشرة ساعة ، يدور ربع الدائرة ، فمن ابتداء ميلها عن محاذاة الشمس حينما كان تحتها ومقارنا لها إلى انقضاء يوم ونصف تقريبا يتحقّق خروجه عن شعاعها ، وصار بحيث يرى. ففي الليلة السابقة ، يكون محاذيا للجنوب ، وقس على ذلك ليلة إحدى وعشرين ، فإن له إلى أن يصير تحت الشمس سبعة ليالي بأيّامها ، واثني عشرة ساعة ، كما أنّ ليلة المقابلة أيضا بهذا القياس ، فإنّها وإن كانت ليلة الأربع عشرة بالنسبة إلى رؤيته ، إلّا أنّها بالنسبة إلى الخروج عن المقارنة
__________________
(١) روض الجنان : ١٩٨ ، مدارك الأحكام : ٣ / ١٢٩ و ١٣٠.