مع أنّه روى في «الفقيه» أيضا عن معاوية بن شريح ، عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إذا جاء الرجل مبادرا والإمام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع. ومن أدرك الإمام وهو ساجد كبّر وسجد معه ولم يعتد بها ، ومن أدركه في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة ، ومن أدركه وقد رفع رأسه من السجدة الثانية وهو في التشهّد فقد أدرك الجماعة ، وليس عليه أذان ولا إقامة ، ومن أدركه وقد سلّم فعليه الأذان والإقامة» (١) ، انتهى.
مع أنّ الأخبار السابقة عرفت ما فيها ، مضافا إلى ما فيها من الاختلاف ، حتّى أنّه في رواية السكوني (٢) ، آكد غاية التأكيد في المنع مطلقا من دون قيد التفرّق في الصف.
ومع ذلك فهي أوفق بمذهب العامّة ، وأليق بالحمل على الاتّقاء ، لعدم وجدان إمام راتب في مسجد من الشيعة في ذلك الزمان ، وقرب الحمل على الجماعة الثانية في المسجد ، كما فهم القدماء وغيرهم ، فيكون السقوط أو المنع من خصائص المسجد ، أو الجماعة في المسجد ، وموثّقة عمّار وغيرها (٣) ، في غير الصورة المذكورة.
وكيف كان ؛ التأكيدات والتشديدات في الإقامة ربّما يوجب الاحتياط فيها ، مضافا إلى قوّة مذهب الصدوق ، بحسب الدليل وفتوى الفقهاء ، إذ عرفت أنّ فتواهم مختصّة بصورة الجماعة الثانية ، فظاهرهم عدم السقوط في الفرادى ، لتصريحهم بتعميم الأذان والإقامة ، واستثنائهم خصوص الجماعة الثانية.
نعم ؛ قليل منهم ألحق المنفرد ، ويؤيّد مذهبهم ما قال الشيخ من كون الحكمة
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٥ الحديث ١٢١٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٩٣ الحديث ١٠٩٩٣ مع اختلاف يسير.
(٢) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٣١ الحديث ٧٠٠٦.
(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٣١ الحديث ٧٠٠٧ ، ٨ / ٤١٥ و ٤١٦ الحديث ١١٠٥٤.