وفيه شهادة على معروفيّة هذا المضمون ، واشتهاره عندهم ، بل وإشارة إلى انحصار الأذان فيه عندهم ، وأنّه المعهود المتداول بينهم ، مضافا إلى أنّ الأذان والإقامة من الامور المتكرّرة الصدور ، والمتكثرة الوقوع في كلّ يوم وليلة ، ووقوعهما كذلك علانيّة وجهارا في الجامع والجوامع.
والأصحاب مع أنّهم هم الرواة لسائر الروايات ، تركوها وأخذوا بهذه الرواية ، مع إجمال الدلالة بالنسبة إلى نفس الفصول ، وأنّ البيان يظهر من إجماعهم وفتاواهم ، وطريقة العمل المتداول بينهم ، وإن كانت تشهد بعض الأخبار ، بكون النقص في الإقامة في التهليل الآخر.
مثل : صحيحة معاذ بن كثير في الذي يصلّي خلف من لا يقتدى ، وخشي إن أذّن وأقام رفع رأسه فلم يدركه ، يكتفي بقول : «قد قامت الصلاة» مرّتين ، «الله أكبر» مرّتين ، «لا إله إلّا الله» مرّة واحدة (١) ، فلاحظ!
وبالجملة ؛ الظاهر بالتأمّل فيما ذكرنا ، أنّ الخلاف في المقام ، خلاف شاذّ نادر لا يعتدّ به.
فإنّ الأمر المذكور على رءوس الأشهاد ، في اليوم والليلة مرارا كثيرا لا حدّ له ، من جهة كثرة المكلّفين ، وكثرة احتياجهم ، وأنّه ينادى بها بأعلى صوته ، في كثير منها ، وفي كثير من المجامع ، كيف يبقى مثله في مكمن الخفاء؟ بل يظهر على المخدّرات في الحجل ، فضلا عن غيرهم ، مضافا إلى ما عرفت من شهادة كلام النجاشي وغيره.
وأمّا الإجمال فيها ، وإن كان بحسب تشخيص الفصول ، إلّا أنّها مبيّنة معيّنة مشخّصة ، بالنظر إلى تعيين العدد ، بحيث لا يقبل الزيادة والنقيصة أصلا ، بخلاف
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٣٠٦ الحديث ٢٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨١ الحديث ١١١٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٣ الحديث ٧٠٤٠ نقل بالمعنى.