قيل : والظاهر أنّ حكمهم بذلك على سبيل الأولويّة والاستحباب ، والذي يظهر من الشيخ في «النهاية» القول بالوجوب ، كما نقل عنه (١) ، وظاهر بعض الأخبار معه ، كصحيحة ابن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن المرأة تزامل الرجل في المحمل يصلّيان جميعا ، فقال : «لا ، ولكن يصلّي الرجل فإذا صلّى صلّت المرأة» (٢) ، والأمر حقيقة في الوجوب ، ومثلها رواية أبي بصير (٣).
ولا يمكن الاستدلال لعدم الوجوب بصحيحة عبد الله بن أبي يعفور قال : قلت للصادق عليهالسلام : اصلّي والمرأة إلى جنبي [وهي] تصلّي؟ فقال : «لا ، إلّا أن تتقدّم هي أو أنت» (٤) ، الحديث. لضعف الدلالة ، لاحتمال إرادة أنّ الحرمة أو الكراهة لا ترتفع إلّا أن تتقدّم هي أو أنت.
ويكون المراد أنّها إن اتّفق تقدّم صلاتها على صلاتك لا يكون حينئذ منع.
وتقدّم صلاتها ربّما يكون لعدم إرادة الرجل الصلاة ، وأنّها ما كانت تدري أنّه يريد الصلاة أو تدري لكن ما كانت تدري المسألة ، أو كانت تدري المسألة ، لكنّها عصت وتقدّمت.
وبالجملة ؛ ليس فيها دلالة على عدم وجوب تقدم الرجل لعدم المنافاة بين تقدّم المرأة بسبب من الأسباب المتقدّمة ، لوجوب تقدّم الرجل.
لكن على المختار من كون المنع عن المحاذاة والتقدّم يضعّف دلالة الأمر بالتقدّم في الروايتين ، فيشكل الحكم بالوجوب ، ويتقوى الاستحباب.
__________________
(١) نقل عنه في المعتبر : ٢ / ١١١ ، لاحظ! النهاية للشيخ الطوسي : ١٠١.
(٢) الكافي : ٣ / ٢٩٨ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٣١ الحديث ٩٠٧ ، وسائل الشيعة : ٥ / ١٢٤ الحديث ٦١٠١.
(٣) تهذيب الأحكام : ٥ / ٤٠٣ الحديث ١٤٠٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ١٣٢ الحديث ٦١٢٦.
(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٣١ الحديث ٩٠٩ ، وسائل الشيعة : ٥ / ١٢٤ الحديث ٦١٠٤.