وبالجملة ؛ لم يظهر من الموثّقة ما يخالف الأخبار السابقة وغيرها ، بل ظاهرها الموافقة لها ، فظهر ما في قول المصنّف : (سيّما إذا اتّخذ القبر قبلة). إلى آخره.
وفي «المقنعة» : أنّه لا تجوز الصلاة إلى شيء من القبور حتّى يكون بينه وبينه حائل ، ولو قدر لبنة ، أو عنزة منصوبة ، أو ثوب موضوع ، ثمّ قال : روي أنّه لا بأس بالصلاة إلى قبلة فيها قبر إمام عليهالسلام ، والأصل ما قدّمناه (١) ، انتهى.
ولا يخفى ضعفه لما عرفت ، وإن نسب عدم الجواز إلى القبر إلى الصدوق وأبي الصلاح أيضا (٢) ، مع التأمّل في ظهور التحريم من كلامهم.
بل ربّما يظهر خلافه من كلام المفيد فإنّه قال ـ بعد ما ذكر بلا فصل ـ : ويصلّي الزائر ممّا يلي الرأس ، وهو أفضل من أن يصلّي إلى القبر من غير حائل بينه وبينه (٣) ، وأمّا الصدوق فيفتي بمضمون الرواية (٤) ، وعرفت المراد منها.
ويظهر من كلام المفيد وغيره عموم المنع ، وشموله للصلاة إلى قبر الإمام عليهالسلام أيضا ، وإن روى في «التهذيب» في الصحيح عن الحميري قال : كتبت إلى الفقيه عليهالسلام أسأله عن الرجل يزور قبور الأئمّة عليهمالسلام ، هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟ وهل يجوز [لمن صلّى] عند قبورهم أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة أو يقوم عند رأسه ورجليه؟ وهل يجوز أن يتقدّم على القبر ويصلّي ويجعله خلفه أم لا؟
فأجاب عليهالسلام ـ وقرأت التوقيع ومنه نسخت ـ : «أمّا السجود على القبر فلا
__________________
(١) المقنعة : ١٥١ و ١٥٢.
(٢) نقل عن الصدوق في منتهى المطلب : ٤ / ٣١٦ ، نقل عن أبي الصلاح في كشف اللثام : ٣ / ٣٠٠ ، لاحظ! من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٦ ذيل الحديث ٧٢٧.
(٣) المقنعة : ١٥٢ مع اختلاف يسير.
(٤) في (ز ٣) : ففتواه نفس الرواية.