قوله : (تجب النيّة). إلى آخره.
قد مضى هنا [ك] أيضا في شرحه تحقيقات لا بدّ من ملاحظتها (١) ، والنيّة واجبة في الصلاة بلا خلاف بين علماء الإسلام ، كما قال في «المنتهى» (٢) ، واشتراط القربة بمعنى الامتثال والإطاعة إجماعي بين المسلمين ، مدلول أدلّة قد مضت هناك ، وكذا قصد التعيّن ، لعدم تحقّق الإطاعة العرفيّة إلّا به.
والمشهور المعروف بين الفقهاء وجوب هذا القصد مطلقا ، أي سواء كان الفعل غير متعيّن شرعا ، أو كان متعيّنا.
أمّا الأوّل فظاهر ، إذ المكلّف في ركعتي الفجر إن قصد نافلتهما يكون ممتثلا في نافلة الفجر ، وإن قصد الفريضة فكذلك ، وإن لم يقصد واحدة منهما ولا عيّن بوجه يرجع إلى واحدة منهما لم يكن ممتثلا للمجموع جزما ، ولا لأحد منهما بالخصوص ، لعدم ترجيح من الشرع ولا من غيره.
اللهم إلّا أن يكون مطّلعا على خصوص الفريضة غير مطّلع على الآخر ، أو يكون غافلا عن الآخر ، فحينئذ ممتثل بالنسبة إلى خصوص الفريضة لأنّه قصدها خاصّة ، فقصد التعيّن موجود حينئذ.
وكذا الحال لو كان مطّلعا على خصوص النافلة ، أو متفطّنا له ، فإنّه ممتثل بالنسبة إليها خاصّة ، والفريضة بعد بذمّته ، لجهله أو غفلته عنها ، وأمّا مع العلم بهما جميعا ، وكذا تفطّنه لهما حين الفعل ، وعلمه بأنّ الواحدة لا تجزي عنهما. ومع ذلك لم يعيّن أصلا ورأسا لم يعدّ عرفا ممتثلا بالنسبة إلى واحدة منهما أيضا ، لاستحالة
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٣٦٣ ـ ٣٧٧ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.
(٢) منتهى المطلب : ٥ / ١٨.