الترجيح بلا مرجّح ، ولم يتأمّل أحد في استحالته (١) ، وإن تأمّل متأمّل في استحالة الترجيح بلا مرجّح.
وأقلّ الترجيحات للفريضة هو أن يعلم أنّ بعد الإتيان بركعتين مطلقا ينصرف إلى الفريضة ، لأنّها المكلّف بها ، المؤاخذ عنها ، مثل من سبّح تسبيحة واحدة في الركوع مع علمه بأنّ الثلاث مستحب ، وبناؤه على الاكتفاء بتلك الواحدة ، لأنّه في الحقيقة تعيّن له بالنسبة إلى الفريضة.
وأمّا من قصد بهما خصوص النافلة ولم يأت بغيرهما ، فغير خفيّ أنّ مثله لا يعدّ عرفا آتيا بالفريضة ممتثلا ، إذ لعلّه لا يريد الامتثال بالنسبة إلى الفريضة أصلا.
وكذا الحال فيمن أتى بهما مردّدا بين الفريضة والنافلة من دون تعيين أصلا ، وكذا الحال فيمن أتى بهما مردّدا بين الفريضة والنافلة من دون تعيين أصلا ، وأمّا مع التعيين شرعا ، فلأنّ التعيين بحسب الواقع لا يستلزم التعيين عند المكلّف ، إذ لو علم المكلّف بالتعيين شرعا وبنى على إطاعة الشرع والإتيان بذلك المعيّن فلا شكّ في كونه قصد التعيين ، وأمّا إذا لم يقصد ذلك المعيّن ، وقصد غير معيّن وعنده في نظره أنّه غير معيّن ، ومتفطّن لذلك حين فعله ولم يعيّن أصلا ، فحكمه حكم ركعتي الفجر وأمثالهما.
وكذلك الحال إذا لم يعلم أنّ المطلوب منه واحد أو متعدد ، وكلّ واحد من التعدّد متعيّن في نفسه أم لا.
ولو كان عنده وجوب أمر مرّتين أو أزيد فأتى به مرّة ، فإن كان واقعا أيضا كذلك كان ممتثلا بالمرّة الواحدة خاصّة ، إن كان اعتقاده عن دليل شرعي على المشهور ومطلقا على رأي بعض ، وإلّا فلا ، لعدم معذوريّة الجاهل الذي لم يطابق عمله الواقع إجماعا من جميع العلماء ، وإن ناقش بعض من تأخّر في خصوص
__________________
(١) أي : لم يتأمّل أحد في استحالة امتثاله.