وهذه صريحة في عدم وجوب رفع اليدين على غير الإمام ، فلا جرم يكون الأمر الوارد في الصحاح محمولا على الاستحباب.
ولا يجوز أن يقال بكونه محمولا على كون المخاطب به خصوص الإمام ، ويكون غير الإمام يستحبّ له رفع اليدين لعدم قائل بهذا التفصيل بين المسلمين ، ولم ينسب إلى أحد ، مع نهاية بعد هذا الحمل ، وعدم قبوله.
مع أنّ الفقهاء حملوا هذه الصحيحة على كون المراد أنّ استحباب الرفع شديد بالنسبة إلى الإمام (١) ، فظاهر أنّ منشأ الشدّة هو معرفة المأمومين بدخوله في الصلاة.
مع أنّ الغرض إبطال ما نسب إلى السيّد وقد ثبت بطلانه ، لأنّ الحديث صحيح مقبول عند الفقهاء ، معاضد بالإجماعين المنقولين والأصل ، وأنّ هذا ممّا يعمّ به البلوى ويكثر إليه الحاجة ، فلو كان واجبا لاشتهر اشتهار الشمس ، فكيف صار الأمر بخلافه؟
احتجّ السيّد بإجماع الفرقة ، وبفعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام ، وبالأمر به في قوله تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٢) (٣).
والجواب : أنّ إجماع الفرقة حقّ ، إلّا أنّ إجماعهم على تأكّد الاستحباب ونفس الاستحباب بلا شبهة ، ونادى بذلك الإجماعات وفتاوى القدماء ، وهذا ينادي بأنّ مراد السيّد هو الواجب الذي يكون على تركه العتاب كما قلنا ، للقطع بعدم إجماع الفرقة على الوجوب الذي يكون على تركه العذاب ، وفعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٨ ذيل الحديث ١١٥٣ ، ذخيرة المعاد : ٢٦٧.
(٢) الكوثر (١٠٨) : ٢.
(٣) نقل عنه في ذخيرة المعاد : ٢٦٧.