الامور المذكورة في بعض الأوقات ، بل وفي كثير من الأوقات ، إذ ربّما لا يحصل القارئ ، أو يحصل لكن لا يتمكّن من تتبعه ومتابعته.
ومع ذلك لا يجد إماما يأتمّ به ولا يعرف القراءة من المصحف ، مع أنّه لو يعرفها فحينئذ تعلّم ، لكن مراد المصنّف من التعلّم الحفظ عن ظهر القلب ، فربّما لا يتمكّن من المصحف الذي يتمكّن من القراءة منه ، كما ذكرنا.
والفقهاء لم يذكروا تتبّع القارئ ولا الائتمام ، بل ولا القراءة من المصحف ، مع أنّه لا خفاء في الوجوب مع التمكّن والتعيين تعيينا ، ومع عدم التعيين تخييرا ، ولعلّه من جهة أنّ العاجز عن قراءة الفاتحة لا يتيسّر له الائتمام غالبا ، لتوقّفه على معرفة مسائل الائتمام لأنّها أخفى من معرفة الحمد عادة.
وكذا الحال في تتبّع القارئ ، إذ يصعب عليه تتبّعه في حال الصلاة بحيث يقرأ صحيحا ، مع عدم تيسّر القارئ الذي يقبل قوله ويرضى تتبّعه عند ما أراد ، ولذا لم يذكر المصنّف أيضا.
وأمّا القارئ من المصحف فهو داخل فيمن يعلم.
وبالجملة ، لا خفاء في المسألة في أنّه متى تيسّر القراءة بنحو صحيح تجب البتّة ، لكون وجوبها مطلقا مع التمكّن والقدرة على تحصيل التمكّن ، فإن لم يمكن بوجه من الوجوه قرأ ما تيسّر من الفاتحة إجماعا ، ولقوله عليهالسلام : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» (١) ، وقول علي عليهالسلام : «الميسور لا يسقط بالمعسور» (٢) ، وقوله عليهالسلام : «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» (٣).
__________________
(١) عوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٦.
(٢) عوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٥.
(٣) عوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٧.