الشيخ العمل بروايات «الفقيه» ، وذكرها في كتبه لو لم يمنعه مانع ، فإنّ نسخة «الفقيه» كانت عنده في تأليفاته ، وكثيرا ما أخذ منها ، وكذا الكليني كانت الاصول ميسّرة عنده ينتخب ، ومع ذلك لم يشر إلى هذه الصحيحة ولا مضمونها ، ولو بعنوان «روي».
وبالتأمّل فيما ذكرناه يحصل وهن عظيم في هذه الصحيحة ، سيّما بملاحظة أنّ الظاهر منها حرمة القراءة في الركعتين الأخيرتين مطلقا ، وهذا مخالف لإجماع الشيعة ، كما عرفت ، بل ظهورها شديد ، لتأكّد قوله عليهالسلام : «لا تقرأنّ» بنون التأكيد ، والتوجيه بأنّ المراد حرمة القراءة باعتقاد كون الموظّف شرعا هو القراءة مع بعدها لا يلائمه ما قال في جواب السائل : «فقل : سبحان الله» .. إلى آخره حين سأل : فما أقول؟. إلى آخره ، بل لم يناسبه سؤاله هكذا أيضا ، بل كان المناسب أن يسأل : فما أصنع؟ وأن يجاب بالتخيير بين القراءة والتسبيح ، أو كون القراءة مقام التسبيح ، كما ورد في أخبار أخر (١).
وحمل النهي المذكور على الكراهة أيضا مشكل ، لعدم قائل بها ، سيّما وأن يكون شديدا ، كما اقتضاه التأكيد ، مع أنّه سيجيء ما به يزيد بعد هذا الحمل غاية البعد فانتظروا.
وأيضا ظاهرها أنّ المأموم ليس عليه قراءة ولا تسبيح أصلا ، وفيه ما ستعرف. هذا مع معارضتها لأخبار كثيرة صحاح ومعتبرة مفتى بها عند الفقهاء.
وممّا يوهنها أيضا أنّ والد الصدوق القائل بالتسع لم يستند إلى هذه الصحيحة ، مع أنّها عين فتواه في كون التسبيح تسعا ، بل استند إلى حديث آخر ، كما صرّح به في «المختلف» (٢).
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٩٨ الحديث ٣٦٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٠٨ الحديث ٧٤٦٩.
(٢) مختلف الشيعة : ٢ / ١٤٦ و١٤٧.