فأوّلا ، لم يروها غير الصدوق ، والصدوق مع روايتها لم يعمل بظاهرها لما عرفت سابقا ، مضافا إلى أنّ الصدوق بعد ما رواها روى بعدها بلا فصل رواية أبي بصير السابقة الدالّة على كفاية «سبحان الله» ثلاث مرّات (١).
فإن كان الأمر كما ذكرناه من أنّ فتواه الاثنتا عشر فالأمر واضح ، بل ذكر رواية أبي بصير بعدها بلا فصل يؤكّد ويوضّح كون ما ذكره أوّلا هو فتواه ، على حسب ما عرفت.
وإن بني على أنّ كلّ ما رواه في «الفقيه» هو فتواه ويعمل به على حسب ما ذكره في أوّل كتابه (٢) ، فيتعيّن كون فتواه التخيير بين الاثنتي عشر والتسع وثلاث تسبيحات ، وبملاحظة تغيير هيئاتها وأنّه لا معنى للتخيير بين الزائد والناقص يتعيّن كون رأيه مطلق الذكر ، كما اخترناه ، أو حمل الزائد على الثلاث على الاستحباب.
فعلى أيّ تقدير حصل القطع بأنّ فتواه ليس خصوص التسع ، كما نسب إليه في «المدارك» و «الذخيرة» موافقا لـ «المنتهى» (٣) ، وحصل القطع بأنّ مستنده ليس ظاهر رواية التسع ، بل إمّا أنّها ليست مستنده أصلا كما هو الأظهر ، أو على سبيل التأويل والتوجيه للجمع بين الأخبار ، كما اخترناه.
وبملاحظة أنّه رحمهالله من عادته العمل بفتاوى أبيه في رسالته إليه وغيرها يظهر أنّ داعي عدوله عن فتوى والده واختياره خلافه شديد ، إذ علمت عدوله جزما.
فظهر أنّ عدوله عن ظاهر هذه الصحيحة لداع شديد عنده ، فلعلّه الداعي إلى ترك الشيخ ذكر هذه الصحيحة في مجموع كتبه ، والكليني في كتابه ، مع أنّ عادة
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٦ الحديث ١١٥٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٠٩ الحديث ٧٤٧٣.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣.
(٣) مدارك الأحكام : ٣ / ٣٧٩ ، ذخيرة المعاد : ٢٧٠ ، لا حظ! منتهى المطلب : ٥ / ٧٦.