المسلمون في الأعصار والأمصار أيضا كانوا يداومون ، وإن قالوا بالاستحباب.
ومن هذا قال الشهيد : إنّ وجوب التأسّي بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا يدلّ على ذلك (١).
وفي «المدارك» قال : هذا الاستدلال منه ضعيف جدّا ، لأنّ التأسّي فيما لا يعلم وجهه مستحب لا واجب ، كما قرّر في محلّه (٢) ، انتهى.
وهذا منه في غاية العجب ، فإنّه رحمهالله كثيرا ما يستدلّ به على الوجوب ، بل لا دليل عليه سوى ذلك ، كما مرّ في هيئة تكبيرة الإحرام وغيره (٣) ، بل واستدلّ عليه في غاية الإبرام ، واعتمد عليه بنهاية الوثوق والاستحكام ، كما لا يخفى ، فكيف في المقام يقول : ضعيف غاية الضعف؟ وما قرّر كونه مستحبّا ليس من المقام ، وهو كونه بيانا للمجمل ، مع ورود الأمر بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» (٤) وغير ذلك ممّا مرّ.
نعم ، لو صدر منه فعل لا دخل له في بيان عبادة ولا ورد منه الأمر بالمتابعة فيه يكون محمولا على الاستحباب ، لعدم ثبوت الوجوب بمحض احتمال وجوبه ، نعم ، يستحب للاحتياط ، إذ ربّما كان واجبا.
ويدلّ على الوجوب أيضا صحيحة زرارة التي ذكرناها في بحث وجوب السورة ، وذكرنا التقريب أيضا (٥) ، فلاحظ.
وجميع ما ذكرناه دليلا على وجوب السورة يصير دليلا في المقام أيضا ،
__________________
(١) ذكرى الشيعة : ٣ / ٣٢٠.
(٢) مدارك الأحكام : ٣ / ٣٥٧.
(٣) راجع! الصفحة : ١٧٣ و١٧٤ من هذا الكتاب.
(٤) عوالي اللآلي : ١ / ١٩٧ الحديث ٨.
(٥) راجع! الصفحة : ٢٨٩ و٢٩٠ من هذا الكتاب.