نعم ، في «المختلف» نسب الاستحباب إليهما (١) ، وسيجيء في مسألة الجهر بالبسملة في أوّل الحمد وأوّل السورة بعد الحمد أنّه من دين الإماميّة ، وأنّه مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، ومذهب الشيعة ، وأجمع آل الرسول عليهمالسلام عليه ، وغير ذلك ، ولم يقل أحد من الشيعة بوجوب الجهر بالبسملة خاصّة ، فتأمّل!
حجّة المعظم بعد الإجماعات المنقولة كون العبادة توقيفيّة موقوفة على الثبوت ، وبمراعاة الجهر والإخفات تحصل البراءة اليقينيّة خاصّة ، لفعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام بالتقريب الذي مرّ في وجوب السورة ، فلاحظ.
ولصحيحة زرارة ، عن الباقر عليهالسلام أنّه قال له : رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي أن يجهر فيه ، أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه ، فقال : «أيّ ذلك فعل متعمّدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، وإن فعل ذلك ناسيا [أ] وساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه» (٢).
وجه الدلالة الأمر بالإعادة ، وهو حقيقة في الوجوب ، و «نقض» بالقاف والضاد المعجمة ، كما ضبطه المشايخ ، وهو كناية عن البطلان ، كما لا يخفى ، بل «نقص» بالمهملة أيضا ظاهر في البطلان ، لأنّ النقص حقيقة في عدم إتمام شيء ، وترك ما هو جزء منه وما لا يتمّ إلّا به.
وغير خفي أنّ مواضع الجهر ومواضع الإخفات معلومة معروفة بين قاطبة المسلمين سوى البسملة ، وإنّما الخفاء والتأمّل في الوجوب والاستحباب ، والقائل بالاستحباب أيضا مسلّم عنده ذلك ولا ينكر أصله ، بل ينكر وجوبه ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام كانوا يواظبون ، والصحابة والتابعون أيضا كذلك ، بل
__________________
(١) مختلف الشيعة : ٢ / ١٥٣ و١٥٤.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٧ الحديث ١٠٠٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٢ الحديث ٦٣٥ ، الاستبصار : ١ / ٣١٣ الحديث ١١٦٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٨٦ الحديث ٧٤١٢ مع اختلاف يسير.