أمّا لو قام هذا الراكب ، بأن جعل اعتماده الحقيقي على رجليه فقط ، يقال له :
قام فوق الخيل ، وقام ورجلاه في كذا والسرج تحته ، إلى غير ذلك ، ومثل هذا الراكب من تعلّق بشيء ، بأن كان جميع فقار ظهره منتصبا ، ورجلاه على شيء من دون اعتماد أصلا أو اعتماد ضعيف غير حقيقي.
فظهر أنّ القيام لا يتحقّق حقيقة تبادرا ، من غير الاعتماد الحقيقي على الرجل وأسافل الأعضاء.
وبالجملة ، فرق واضح بين نفس القيام وهيئة القائم ، والراوي قال : يستند إلى حائط المسجد وهو قائم ، فإمّا أن يكون مراده من القيام هيئة القيام لا الحقيقي منه ، فيكون اعتماده الحقيقي على الحائط ، ولم يرض بذلك أحد ، ولم ينسب إلى أحد ، أو يكون مراده من القيام معناه الحقيقي ، لا مجرّد هيئته وشكله.
فيكون مراده من الاستناد غير محلّ النزاع ، ولذا قال في «الدروس» : ويجب الاستقلال بحيث لا يستند إلى ما يعتمد عليه ، ورواية علي بن جعفر ، عن أخيه عليهالسلام لا تنافيه (١) ، انتهى.
بل ظاهر أنّ هذا الاستناد لا يقتضي الاعتماد عليه ، أو أنّه أعمّ منه ، إلّا أنّه خال عن الاعتماد التام ، وهو الذي إذا رفع السناد وقع.
والباقون من المحققين قالوا : الرواية محمولة على الاستناد الذي لا يسقط معه لو زال المستند إليه ، جمعا بينها وبين المعارض (٢).
وغير خفي أنّه أقرب وجه جمع بعد الإغماض عمّا ذكرنا من احتمال النافلة وما ذكرناه من أنّ القيام الواقعي غير صورة القيام وغير ذلك ، وإلّا قد عرفت عدم
__________________
(١) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٦٨.
(٢) جامع المقاصد : ٢ / ٢٠٣ ، مسالك الأفهام : ١ / ٢٠١ ، روض الجنان : ٢٥٠.