وقد قلّ السكان في المدن لأن الأهالي عمدوا إلى الفرار نتيجة جور عمال السلاجقة وعسفهم وشدتهم ، إضافة إلى تفشي المجاعات وبعض الأمراض (١). وقد ساعد نقص عدد السكان هذا في الضرر الاقتصادي لنقصان اليد العاملة. وبالرغم من كل ذلك سيطر الفقهاء والمشرعون على عقول الشعب ، وساد الإيمان والاعتقاد الإسلاميين بعدم التفريق بين الناس ، ممّا أضعف الطبقية والتراتبية الإيرانية القديمة ، إذ التفاخر بالأنساب مكروه في الإسلام. إلا أن ذلك لم يمنع المجتمع السلجوقي المدني من التشكّل من فئات اجتماعية مثل : الفقهاء ، والجنود ، والصوفية ، والرقيق ، وأبناء القبائل الداخلة في التحضر وسواهم.
لا بد من الإشارة إلى أن عناية السلاطين بالفقهاء والشعراء وأهل الفكر كانت قائمة على الرغم من انغماس بعض السلاطين والأمراء في الترف وحياة القصور ومجالس الطرب. ويعود ذلك لتأثير بعض الوزراء كنظام الملك وبعض الأسر الكبيرة أمثال آل مازة وآل خجند.
وقد ازدهر الكثير من الصناعات التي استفادت الحضارة السلجوقية ، بتفننها فيها ، ممّا آلت إليه الخبرات السابقة على تلك الفترة.
فبرزت صناعة الخط والتذهيب والتجليد ، والحفر على الخشب ، وحياكة السجاد والتطريز. ونمت صناعة الزجاج والخزف وغيرها.
__________________
(١) المرجع ذاته ، ص ٣٩٢.